كتـــــــاب : أسلوبية الحجاج التداولي والبلاغي .. تنظير وتطبيق على السور المكية pdf
المؤلــــــف : د. مثنى كاظم صادق
بلد النشــــر : الجزائر
الطبعـــــــة : 1
الســـــــــنة : 1436هـ/2015م
تتعارض نظرية الحجاج في اللغة مع كثير من النظريات والتصورات الحجاجية الكلاسيكية التي تعد الحجاج منتميا إلى البلاغة الكلاسيكية ( أرسطو) أو البلاغة الحديثة ( برلمان، أولبريخت تيتيكا، ميشال ميير....) أو منتميا إلى المنطق الطبيعي ( جان بلير غريز...)
إن هذه النظرية التي وضع أسسها اللغوي الفرنسي أزفالد ديكرو ( O.DUCROT) منذ سنة 1973 نظرية لسانية تهتم بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغات الطبيعية التي يتوفر عليها المتكلم، وذلك بقصد توجيه خطابه وجة ما، تمكنه من تحقيق بعض الأهداف الحجاجية، ثم إنها تنطلق من الفكرة الشائعة التي مؤادها: "أننا نتكلم عامة بقصد التأثير".
هذه النظرية تريد أن تبين أن اللغة تحمل بصفة ذاتية وجوهرية(Intrinséque) وظيفة حجاجية، وبعبارة أخرى، هناك مؤشرات عديدة لهذه الوظيفة في بنية الأقوال نفسها.
ولأخذ فكرة واضحة عن مفهوم "الحجاج" Argumentation ينبغي مقارنته بمفهوم البرهنة Démonstration أو الاستدلال المنطقي. فالخطاب الطبيعي ليس خطابا برهانيا بالمعنى الدقيق للكلمة، فهو لا يقدم براهين وأدلة منطقية، ولا يقوم على مبادئ الاستنتاج المنطقي.فلفظة "الحجاج" لا تعني البرهنة على صدق إثبات ما، أو إظهار الطابع الصحيح(Valide) لاستدلال ما من وجهة نظر منطقية.ويمكن التمثيل لكل من البرهنة والحجاج بالمثالين التاليين:
· كل اللغويين علماء
زيد لغوي
إذن زيد عالم
· انخفض ميزان الحرارة
إذن سينزل المطر
يتعلق الأمر في المثال الأول ببرهنة أو بقياس منطقي (syllogisme)،أما في المثال التاني، فإنه لا يعدو أن يكون حجاجا أو استدلالا طبيعيا غير برهاني .
واستنتاج أن زيدا عالم، في المثال الأول حتمي وضروري لأسباب منطقية، أما استنتاج احتمال نزول المطر في المثال الآخر فهو يقوم على معرفة العالم، وعلى معنى الشطر الأول من الجملة، وهو استنتاج احتمالي .
لقد انبثقت نظرية الحجاج في اللغة من داخل نظرية الأفعال اللغوية التي وضع أسسها أو ستين وسورل. وقد قام ديكرو بتطوير أفكار وآراء أوستين بالخصوص، واقترح،في هذا الإطار،إضافة فعلين لغويين هما فعل الاقتضاء وفعل الحجاج.وبما أن نظرية الفعل اللغوي عند أوستين وسورل قد واجهتها صعوبات عديدة(عدم كفاية التصنيفات المقترحة للأفعال اللغوية مثلا)، فقد قام ديكرو بإعادة تعريف مفهوم التكليم أو الإنجاز(l 'illoutoire)،مع التشبث دائما بفكرة الطابع العرفي (conventionnel)للغة.وهو يعرفه بأنه فعل لغوي موجه إلى إحداث تحويلات ذات طبيعة قانونية، أي مجموعة من الحقوق والواجبات.ففعل الحجاج يفرض على المخاطب نمطا معينا من النتائج باعتباره الاتجاه الوحيد الذي يمكن أن يسير فيه الحوار.والقيمة الحجاجية لقول ما هي نوع من الإلزام تعلق بالطريقة التي ينبغي أن يسلكها الخطاب بخصوص تناميه واستمراره
رابط التنزيل
تعليقات
إرسال تعليق