شعريّة اللغة وشعرية الدلالة قراءة في جوهر القصيدة الحديثة
شعريّة اللغة وشعرية الدلالة قراءة في جوهر القصيدة الحديثة
تعدّ اللغة أساس العملية الشعرية وجوهرها الفعلي لأنها تمثّل انزياحاً عن معيار اللغة الطبيعية، وهي تنتج دلالتها الجديدة بطريقة مختلفة تتوخى من ورائها تحقيق أكبر قدر ممكن من الإثارة الجمالية المعبّرة عن الحالة اللغوية الشعرية، ويمكن أن توصف اللغة الشعرية على هذا الأساس بأنها لغة جديدة مبتكرة، فالشاعر يبتكر لغته الشعرية من جوهر اللغة الطبيعية لأنه يبتكر علاقات جديدة يستبدل بها العلاقات التقليدية القديمة، من أجل أن يبني هيكلا ومسارا ورؤية للغة أخرى هي لغة الشعر لها فقه جديد وسياقات تعبيرية ودلالية ورمزية جديدة، تكون مهيأة لبناء الخطاب الشعري. فاللغة على وفق التوصيف الشعري هي أشبه بحقل فارغ خصب بحاجة إلى فلاح غير اعتيادي، والشاعر هو هذا الفلاح الموهوب الذي يستنبت منه الأشجار، ويحصل منها على ثمر استثنائي لا يتوقف عند صورة واحدة وشكل واحد، وذلك لأن اللغة الشعرية ليست لغة تعبير عادية هدفها إيصال رسالة واضحة محددة، بل هي لغة مشحونة بالإيحاءات التي تنفتح على شحنات دلالية مختلفة أشبه بالثمار المتنوعة الطازجة. إن توظيف المرجعيات في القصيدة الجديدة هو شكل من أشكال استثمار قوة اللغة الشعرية ودلالتها في استعارة الصور والحكايات والرموز والأساطير، وإخضاعها لسياسة شعرية تبتغي بناء علاقة شعرية جدلية بين لغة الحكايات والرموز والأساطير ولغة القصيدة ودلالتها، ولعل مصطلح التناص هو المصطلح المناسب لوصف هذه العلاقة بين النصوص القديمة والنص الشعري الحديث، حيث يستثمر النص الشعري الحديث الإمكانات المخزونة في النصوص القديمة وإعادة تمثيلها وإنتاجها في جوهر النص الحديث لغةً ودلالةً.
رابط التنزيل
تعليقات
إرسال تعليق