السرد الواقعي ومشروع التحديث في أدب المغرب pdf
السرد الواقعي ومشروع التحديث في أدب المغرب pdf
- البدايات -
أحمد المديني
1 ـ المكونات التحديثية للأدب المغربي
1.1 من نافل القول التصريح بأن البحث في الرؤية الواقعية للأدب السردي بالمغرب لا يمكن إلا أن يرتبط بأوثق الصلات بالـهيئة العامة للأدب المغربي، وكذا بالعناصر الرئيسية المكونة لمساره ولاختياراته الثقافية والجمالية. وإذا كان السياق السوسيوـتاريخي يلعب أحد أكبر الأدوار في عملية التشكيل والتأثير في تبلور الإنتاج الأدبي، وخاصة من حيث الجانبين المضموني والدلالي العامين، فإنه لا يعد كافيا أو مشبعا لتعليق كل الاهتمـام عليه باعتبار الظاهرة الإبداعية متوفرة على مرتكزات وعوامل خصوصية وبالغة الأهمية بدورها. وهو ما يدفعنا لإيلاء الأهمية الأولى لها تاركين للقارئ التماس عناصر السياق المذكور في مظان أخرى لمن يحرص على بلوغها، علما بأننا أفردنا لها فصلا كاملا وموسعا في المخطوطة الأصلية لهذا البحث*. وسبق أن نبهنا في المقدمة إلى أننا مضطرون إلى القفز عليها لسبب سلفت الإشارة إليه.
وعليه، فبما أن الكتابة السردية تقع في مركز الإنتاج الأدبي المغربي فإننا نعتبر بأن حفرا يظهر للسطح الملامح الكبرى لهذا الإنتاج لمن شأنه أن يسمح بقياس المكانة المشغولة من جانب التجربة القصصية ـ الروائية وتقويم مقدار إسهامها في بلورة سمات وخطاب الأدب الحديث والتحديثي. أضـف إلى هذا أن في ذلك ما يساعد على معرفة أفضل بأدب عانى ويعـاني من التجاهل، وليست الأبحاث المختصة بميادينه إلا بنت وقت قريب1.
لذا نرى من الضروري إعادة النظر في العناصر المكونة لأدبنا، وإخضاع هذا الأدب لتأمل يهدف إلى الكشف الأوضح عن مرجعياته وبنياته، ولأبعاده، وكذلك لمساءلته بغية تشخيص هويته الحقيقية المتجاورة لمجرد معاينة وجوده. في هذا الاتجاه يصبح الكـلام عن الأدب المغربي الحديث بمثابة النظر إليه ككيان نصي ينتمي إلى فلك التحديث، أي إلى أفـق جديد للكتابة مع كل ما ينطوي عليه هذا الوضع ويستلزمه من قطائع وتخطيات بالقياس إلى قواعد ومفاهيم جاهزة مسبقا. وبالفعل، فإن نزعة التحديث في الأدب المغربي، في موضوع الأعمال المكونة له تستحق أعمق التحليل ولا يمكن اعتبارها أمرا مفروغا منه اعتمادا على ما تراكم من نصوص خلال العقود الثلاثة الأخيرة في الأقل. فمن المشاكل النظرية المطروحة بحدة، بالنسبة لدراسة الأدب العربي الحديث والمعاصر، إسقاط النظرة التحديثية سلفا على كل إبداع يستلهم ضوابط ومقولات الأجناس الأدبية الحديثة أو المشترطة بها نسبيا. إن الشكل الحديث، أو بالأحرى محاكاة هذا الشكل يخلق الوهم بكتابة ذات طبيعة مماثلة. ونحن نرى أن اعتقادا من هذا القبيل، تنضم إليه عوامل أخرى لهو مما تسبب في عرقلة نضج وتفتح التجربة الروائية العربية بأفضل السبل. والإنتاج السردي، والأدب المعاصر عموما في المغرب، قابل لكثير من النقاش من هذا الجانب. وفي ما يتصل ببحثنا على الخصوص لا نرى من الممكن في هذه المرحلة تقدير درجة تحقق عناصر ومظاهر التحديث في الكتابة السردية، إذ أنـها مهمة موكـولة إلى مرحلة تحليل المتن، القادرة وحدهـا على توفير هذا الاقتنـاع أو استبعادها. وعلى كل، ودون أي حكم مسبق عن منفذ هذا التحليل، فليـس من التناقض في شيء إذا ما توصلنا في نـهايته إلى استنتاجـات غير حاسمة لا يمكن أن تقلل من أهـمية أدبنا.
تعليقات
إرسال تعليق