كتاب النظرية البنائية في النقد الأدبي PDF
تحميل كتاب النظرية البنائية في النقد الأدبي
تأليف : الدكتور صلاح فضل
صفحات هذا الكتاب محاولة لتفجير مشكلة المنهج فى النقد الادبى ،تسترق السمع لما يلهج به الناس اليوم فى العلوم الحديثة من لغات كنا ما نزال نجهلها ونتصور أننا لسنا بحاجة لمعرفتها . واذا كانت السنوات الأخيرة قد شهدت ثورة منهجية حقيقية لم تقتصر على النقد الأدبى وإنما بدأت بالذات فى علوم اللغة والنفس والاجتماع ثم انتهت إلى الدراسات الأدبية طبقاً للنظرية البنائية فإن اى عرض أمين لهذه النظرية لابد وأن يمتد إلى هذه العلوم باحثا عن كيفية احتضانها لبذرة البنائية ونموها فيها بما لا نعهده فى الدراسات الأدبية التى تختلط بالتاريخ .
وتترنح قبل أن تطوى صفحاته ، وفي الوقت الذي تصدر فيه مئات الكتب في جميع اللغات الحية من مؤلفة ومترجمة عن البنائية ومشاكلها النظرية والتطبيقية فإننا نعاني من العدم الشديد في لغتنا العربية ، حتى أن على من يجرؤ على كسر حائط الصمت هذا أن يبدأ بالأبجدية ويغطى مستويات أفقية ورأسية متعددة ، ويتحمل صدمة الجفاف النظرى وتشكيل مصطلحاته الخاصة ، ما يتطلب جرأة حقيقية تصل إلى درجة التهور ، وأي تهور أشد من أن تقرأ كتابا في نقد الأدب - أو هكذا يزعم لنفسه . ثم لا تجد فيه بيتا من الشعر ولا مثلا سائرا ولا طرائف أدبية مما تعود الناس على تحلية كتاباتهم بها ، فحتى المصطلح الأساسي وهو اسم البنائية لم يتم الاتفاق عليه في اللغة العربية ، فبعض الباحثين يستخدم كلمة بنيوية . نسبة إلى البنية ـ وهو اشتقاق صائب لولا أنه يجرح النسيج الصوتي للكلمة بوقوع الواو بين ضرتيها ، بما يترتب على ذلك من تشدق حنكي عند النطق ، وهذا ما جعلنا نعدل عن هذه التسمية ونفضل عليها دالبنائية » لسلاستها وقرب مأخذها ، راجين أن تكون هذه السيولة اللفظية ذريعة السيولة أخرى أعز وأغلى وهي السيولة الفكرية والدلالية .
والواقع أن أسوأ عاداتنا النقدية هي كسلنا الذهني الذي يصل إلى درجة البلاهة وجهلنا الذى يختلط بالسذاجة وتسرعنا في التعرض لما لا نحسن ، وافتقادنا الأدوات البحث الرئيسية وهي الإعداد المنهجي الشاق ، وهذا ما تحاول الصفحات التالية أن تقاومه عندما تقدم نموذجا تفصيليا لأحدث نظريات الفكر وأدقها وأوسعها انتشارا في العالم اليوم ، حتى أنها تخطت الحواجز الأيديولوجية المعهودة بين الشرق والغرب ، عندما قامت المدرسة الروسية المعاصرة بتطوير الدراسات السيميولوجية وابتدعت بنية المضمون في الأدب كي تقاوم النزعة الجمالية الغالبة على البحوث الغربية ، ولكن هذا أحد تأويلات البنائية ووجوهها المتعددة ، وسنرى من خلال هذا البحث أنه بقدر ما يتبلور المنهج ويتضح الأسلوب تتكاثر الرؤى وتخصب الاتجاهات ، وأن أهم ما يتميز به هذا النوع من الدراسة هو إعادة صياغة المشاكل الفنية والجمالية على أسس قياسية علمية ، وأنه يضع موضع التنفيذ حلما طالما أرق الباحثين وهو تراسل العلوم الإنسانية والعثور على قاعدة منهجية صلبة تجمعها .
وأهم ماندعو إليه هو الاستيعاب النظري الكامل لمبادئ البنائية قبل محاولة تطبيقها على قضايا الأدب العربي ، مما يقتضي استمرار البحث والاتصال بالمنابع والجرأة على مواجهة الفكر المدرب والكلمة المثقفة واقتناصها والتمرس بها في نزال متكافي ، دون تغطية العجز بالتهم والجهل بالادعاء . وحسبنا أن نفتح باب الجدل المنهجي المثمر وأن نخرق طاقة ينفذ منها شعاع دافي ، وأملنا أن نشهد ظهر النضج الفكري والنقدي في ثقافتنا العربية المعاصرة.
تعليقات
إرسال تعليق