القائمة الرئيسية

الصفحات

محاضرات مادة التركيب




محاضرات مادة التركيب
محاضرات مادة التركيب
الدرس الأول : التركيب والمعنى :
أولا : التركيب :
     إن المتتبع لمعنى التركيب يجده عند كثير من العلماء على اختلاف تخصصاتهم وتوجهاتهم، وحتى عند الفلاسفة والمناطقة يجد له مفهوما خاصا. 
فاللغويين القدامى يدرجون هذا المعنى في باب المسند والمسند إليه، فسيبويه يرى أن المسند والمسند إليه هما ما لا يستغني أحدهما عن الآخر"، وبهذا يصبحان كأنهما لفظ واحد. 
        وأورد ابن فارس  تعريفين للكلام ، إذ يقول: "الكلام حروف مؤلفة دالة على معنى "وعقب على هذين التعريفين قائلا : والقولان عندنا لأن المسموع المفهوم لا يكاد يكون إلا بحروف مؤلفة تدل على معنى " والحروف هي الكلمات.
وقد عرف ابن جني الكلام بأنه :" كل لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه وهو الذي يسميه النحويون الجمل ".
     إذن من هذه التعريفات المنقولة  عن النحاة الأوائل يتبين لنا أن مفهوم التركيب مدرج في باب الجمل ، ومن الملاحظ أنه لا يخلو من الفائدة  التي يحسن السكوت عليها ، وهذا ما يؤكد فكرة تعانق النحو والدلالة تعانقا حميما ، بحيث يكون الفهم الصحيح للنحو هو الفهم الصحيح للأساس الذي يقوم عليه النص . 
ثانيا :التركيب والمعنى:
ظهر في الحديث اتجاه واضح ينظر للعمل الأدبي على أنه نص ، بحيث تصبح الجملة هي وحدة هذا النص ، وأيا ما كان فإن كل عنصر في في بنية النص يمثل جزءا في بناء دلالته ،سواء أكان عنصرا صوتيا أم صرفيا أم نحويا ، ولما كان النحو في مفهومه العام هو مجموعة من القواعد المتنوعة التي تحكم بنية نص ما ،فإنه يصوغ لنا أن نطلق على هذه المجموعة مصطلح "النحو" ،والتفسير الدلالي لأي نص يقوم على معطيات مفرداته المؤلفة في نظام لغته وهذا التأليف في الوقت نفسه يكون سياقه اللغوي  الخاص به ، ويبنيه بروابطه وعلاقاته .




  لقد كان للتعليق النحوي دؤر هام في التركيب ،فقد كان منطلقا واضحا في تناول الكلام في موروثنا النحوي ،لأن اللفظة الواحدة من الاسم والفعل لا تفيد شيئا ، لان الفائدة تجنى من الكلام لانه  "وضع للفائدة والفائدة لا تجنى من الكلمة الواحدة وإنما تجنى من الجمل ومدارج القول " وأهم وسائل التعليق الاسناد ولو تجرد الكلام منه لكان في حكم الأصوات التي ينعق بها كما قال الزمخشري .
 وهذه الإشارات كثيرة متناثرة في تراثنا النحوي ، ولكن الذي جعل منها نظرية متكاملة هو عبد القاهر الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز ،الذي يعطينا نظرية في النظم (النحو) هي لحد الآن قائمة على أصولها وهي نظرية النظم التي هي "توخي معاني النحو وترتيب الكلام وفق قواعد تراعي الصواب النحوي والمعنوي" وهي نظرية شاملة تعني أنه لا فصل بين النحو والبلاغة .
          يقول عبد القاهر :"ومما ينبغي أن يعلمه الإنسان ويجعله على ذكر ، أنه لا يتصور أن يتعلق الفكر بمعاني الكلم أفرادا ومجردة من معني النحو ، فلا يقوم في وهم ولا يصح في عقل أن يتفكر متفكر في معنى فعل من غير ان يعمله في اسم ، ولا أن يتفكر في اسم دون أن يعمل فيه فعل ، .... وإن أردت ذلك عيانا فاعمد إلى أي كلام شئت وأزل أجزاءه عن موضعها ، وضعها موضعا يمتنع دخول شئ من معاني النحو فيها ، فقل في :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل 
"من قفا حبيب ذكرى منزل " ، ثم انظر هل يتعلق منك فكر يمعنى كلمة منها ، واعلم اني لا أٌقول إن الفكرلا يتعلق بمعاني الكلم مفرة أصلا ، وإنما أقول إنه لا ينعلق بها مجردة من معاني النحو . 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات