القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري pdf

كتاب النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري pdf

كتاب النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري pdf
تحميل كتاب النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري pdf
 يعتبر الأدب المقارن من الدراسات التي حظيت باهتمام كبير في النصف الثاني من القرن العشرين . والمقارنة لا تنحصر في حدود التماثل او التشابه وحسب ، بل تمتد لتشمل التأثير المتبادل واستقبال الآداب الأخرى وطريقة التعامل معها ، وقد توسعت هذه الدراسات لتشمل أحقابا أدبية وليس فقط أفرادا بعينهم ، ولتقرا تماثلات النظرية الأدبية وتبين أسبابها . فما سبب تقارب ملمح ربط السامي بالجليل عند هايني بملمح ربط السامي بالغريب عند هيغو . وما سبب قيام الدادانية في أوروبا وقيام الأدب المضاد " في أميركا ، وهما من طينة واحدة وفي وقت واحد ، مع أنه لا صلات بينهما ؟ وأحياناً يجري التساؤل عن سبب اختلاف أثرين ادبيين كتبا في فترة زمنية واحدة من منظور واقعي واحد ، كالحرب مثلا .
 ازدادت الدراسات المقارنة تخصصاً ، فلم تقف عند حدود التمائل والتباين أو التأثر والتأثير المتبادل ، أو الاستقبال وطريقته في التفاعل مع الآداب الوافدة وحسب ، بل أمعنت في البحث عن مسيرة الأدب الطويلة التي تستغرق ألاف السنين . ومن هذه الدراسات تلك التي أشرف عليها آرثر هاتو حول دراسة جنس أدبي معين فقط ، عبر حقبة زمنية واسعة . الجنس الأدبي الذي أشرف عليه هاتو كان بعنوان " لقاء العشاق وافتراقهم عند الفجر في الشعر " ( براور " الدراسات الأدبية المقارنة منشورات وزارة الثقافة بدمشق ۱۹۸۹ ص ۸۱ ) . وقد جمعت الأشعار التي تندرج تحت هذا الموضوع ، منذ أقدم شاعر بدائي وحتى عصر شكسبير ، من أصقاع و عروق مختلفة كل الاختلاف ، كما يقولون ،درست هذه الأشعار دراسة مقارنة انتهت إلى نتيجة مذهلة وهي وجود تشابه كبير فيما بينها . إنه تشابه بلغ حد التشابه بين قصيدتين في موضوع واحد كتبهما شاعر واحد . 
وعندما اكتشفت الواح أوغاريت في الشاطئ السوري عثر على قصائد يتساوى فيها اقدم شاعر اوغاريتي مع احدث شاعر سوري ( طبعاً إذا كان الموضوع واحداً ) . وفي بلاد الرافدين لوحظ أن عبثية كامو ويونسكو وسواهماء لا تزيد عن عبثية بعض النصوص التي عرجت عليها الألواح السومرية . وإن سفر الجامعة " ليس أكثر من توسيع لما جاء في ملحمة كلكاميش ، كلمحة عجلى وعابرة حول هذا العمر الذي يتبخر ويتبدل من غيران يترك اثرا يذكر بعده . وسواء عزونا هذا التماثل الذي يكاد يقع فيما يشبه التكرار أحياناً ، إلى العامل الاجتماعي أو إلى العامل النفسي ، أو حتى إلى المزاج والطباع الذاتية المتشابهة ، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل " النظام الأدبي الذي انتجته المخيلة البشرية . إن هذه النصوص لم تختر من مجتمعات أو نفوس أو أمزجة متقاربة بالمعنى السلحي الذي يجعلنا نقول أن شاعرين مختلفين بالمزاج هما مختلفان حتما في الموضوع الشعري الواحد .
 إن الانطوائي يختلف عن الانبساطي اختلافا تعكسه النصوص هنا وهناك ، ولكنهما لا يختلفان إلى حد أن الأول ( وليكن بدائيا ) يشبه الوجه الجميل بالقمر ، بينما الثاني ( وليكن معاصرنا من القرن العشرين حيث ظهر القمر على حقيقته ) يشبه الوجه القبيح بالقمر .

 فمهما حاولنا اللجوء إلى تفسير التشابه بالوضع الاجتماعي المتماثل أو النفسي أو المزاجي ، فإن ذلك لا يعفينا من الإقرار بوجود " تظام ادبي " وطيد وراسخ ، بل ونقول أنه نظام صارم ، منذ القديم القديم . قد يفسر الوضع الاجتماعي أو الجغرافي او الظروف العامة أوجه الاختلاف أكثر مما يفسر أوجه الائتلاف ، كان نلجأ إلى هذه الظروف في تفسير ظهور المسرحية عند اليونان وليس عند غيرهم ، لكن هذه الظروف الا تسعفنا في تفسير التشابه في أغاني الزفاف - مثلاً - التي تكاد تكون واحدة منذ ايام سافر وحتى أيام سيد درويش ، بل حتى أي أغنية زفاف في أيامنا  هذه العروس في هذه الأغاني يجب أن تكون جميلة الوجه والقوام ولو كانت تنفر منها الضبع ، تتمختر بدقة وغلج ولو كانت مشيتها كمشية جندي في صفوف الصاعقة النازية ، تحوطها الورود والرياحين ولو زفت من دون زيلة .
 وهي رقيقة انيسة اليفة ولو كانت شرمية كثمرة شكسبير . لكن هذا لا يعني انفصال النظام الأدبي عن المجتمع والنفس والغزاج ، لأن النظام الأدبي يمثل " ما يجب أن يكون " . ولهذا يتساوى مجتمعان متغايران في أغاني الزفاف ، لأن هذه الأغاني " يجب أن تكون كما يريد النظام الأدبي الذي يقر به هذان المجتمعان المتغايران ، أو على فرض أنهما متغايران . ومن هنا نقول أن المجتمعات تميل إلى التشابه والتماثل في النظام الأدبي لأن هذا النظام هو عرف اجتماعي ونفسي ومزاجي مهما كانت المجتمعات والنفوس والأمزجة متباينة ومختلفة . 
إنه اشبه بعقد ، كعقد جان جاك روسو . وحتى الشاعر المناهض للزفاف سوف ينخرط في تيار النظام الأدبي فينظم وفق متطلباته . 
تحميل كتاب pdf
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات