القائمة الرئيسية

الصفحات

شعرية الحداثة في الرواية العربية PDF


 كيف يتصور المفكرون العرب حداثتهم ؟

 تبلورت في العالم العربي حداثة في مجال الفكر والثقافة العامة ، ولكنها لم تنجح في تحديث عميق الجذور في بنية الواقع الموضوعي . لقد وقفت هذه الحداثة عند نخبة علوية عاجزة عن أن يكون لها تأثير فاعل في التحديث ، وقد تكون حداثتها مجرد صدى لتأثيرات خارجية ، محاكية مصدرا منفصلا عنها ، منفصلة في محاكاتها عن الواقع الذي تعيش فيه ، غير عابئة بأحوال الناس وأسئلة التاريخ . هذه الحداثة بمثابة وثبة من المجتمع التقليدي إلى الحداثة دون المحطات الضرورية في قاع البني المادية للواقع ، إن المثقف في سياق هذا الخطاب الذي ينتجه ، إنماينتج خطابا تابقا متأثرا من الغرب ، لا يجد له في الواقع الفعلي أي تبرير ، فيقفز فوق تحديث البني الاقتصادية والاجتماعية والعقلية باتجاه الروح العبثية القلقة الحائرة المغتربة للنزعة الحداثية كما نستطيع تلمسها لدى بعض تيارات الحداثة الغربية .
 صحیح أن أمورا عديدة حدثت في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي ، وتحقق تنوير وتحديث ، بل وتحققت منجزات مبدعة خاصة في مجال الأدب والفنون ، ولكن هذا الذي حدث لم يعد - في رأي محمود أمين العالم - أن يكون " نخبويا علویا برائيا ، أو كان ولا يزال متناثرا في جزر محاصرة متفرقة ، ولم يمس جذور الأبنية العميقة الأساسية لمجتمعاتنا العربية ، فما زال تخلفنا الاجتماعي قائما ، ولا يزال بل يتفاقم تمزقنا القومي ، ولا تزال أميتنا الأبجدية شائعة   بين أغلبية سكاننا فضلا عن التدني الثقافي السائد ، إلى جانب أن اقتصادنا لا يزال اقتصادا هشا تابعا [ ... ] في محيط من الفاقة والتخلف .
 ويتساءل محمد بدوي : " أين نحن العرب من هذه الأشياء ؟ متى كانت الواقعية والعقلانية والتصنيع الشامل والتكنولوجيا الحديثة هي السمات الغالبة على مجتمعنا في يوم من الأيام ؟ " . يستنتج مما كتبه معظم مفكري العرب أن الحداثة في العالم العربي لا يمكنها أن تكون بالمفهوم نفسه الذي اكتسبته في مسارها التاريخي الغربي بوصفها " الصيغة التي ترسم البنيات الجديدة والتاريخ الاجتماعي وحركات الفكر والإبداع النافية والمناهضة للتغييرات التي حملتها العصرية " لكن المفكرين والنقاد العرب يعتقدون أن ثمة حداثة عربية تنويرية كانت قد بدأت تتخلق في مطلع النهضة ، ويعتقد حجازي " أنها بدأت في اللحظة التي أخذ فيها الشيخ حسن العطار يقول " إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد فيها من المعارف ما ليس فيها ، وفي اللحظة التي أكد فيها رفاعة الطهطاوي ضرورة التلازم بين الحداثة والتحديث بمقولته المشهورة " بأن الوطن إنما يبني بالحرية والفكر والمصنع " .
رابط التحميل
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات