القائمة الرئيسية

الصفحات

البلاغة وتحليل الخطاب pdf





البلاغة وتحليل الخطاب pdf
البلاغة وتحليل الخطاب pdf
- حسين خالفي
يرمي كتاب" البلاغة و تحليل الخطاب"، للباحث الجزائري حسين خالفي، الى تحليل الخطاب سعيا الى إعطاء النص قراءة مضبوطة يتَّفق عليها عدد كبير من القرَّاء. وهذا بالإمساك مبدئياً، بمقاصد الكاتب البلاغية أولاً، ومن ثمَّ بالمقاصد الأخرى التي تخرج من يد الكاتب إلى يد القارئ، والذي يقوم بعملية التفكيك والتركيب. أو بتعبير سيميائي، ان يقوم القارئ بعملية الهدبنة للكشف عن بنية النص، وذلك بإنتاج بنية أخرى قابلة للاختراق والتجاوز في أية لحظة. وهذا من خلال البناء على القراءة الأولى للوصول إلى قراءة ثانية ثمَّ ثالثة، ثمَّ قراءات لامتناهية، وفق سيرورة قراءات علامية متولِّدة بعضها من بعض، وتتأسَّس حيث تنتهي القراءة السابقة.
ويبين الكتاب أن الغاية من تحليل الخطاب، هي الوقوف على دلالات النص الأكثر عمقاً، وإعطاء النص القراءة الدلالية الأدق. غير أنَّنا متأكِّدون مبدئياً، من أنَّ تلك القراءة لن تكون نهائية، وذلك لأنَّها قراءة تجرُّنا إلى قراءات أخرى تتحكَّم فيها ظروف الخطاب الأولى، كما تتحكَّم فيها ظروف القراءة. وعليه فسيغدو، تحليل الخطاب آلية تتجاوز مقاصد المؤلف لتقتحم النص في عمقه.
ولتكشف دلالته التي ربَّما أسقطها المؤلف حسين خالفي، ولم تخطر بباله.فهو لم يقلها ولكن النصَّ قالها. فالبلاغة العربية اهتمت (ركَّزت) على الخطاب الشعري بوصفه خطاباً استعمارياً، دون غيره من الخطابات لاعتبارات ما، وأهمها أنَّ الشعر هو ديوان العرب. وبالتالي فلا بدَّ له من أن يحظى باهتمام النقاد. أمَّا البلاغة الغربية ذات المنطلقات الأرسطية فقد وقعت في ما وقعت فيه البلاغة العربية.
فمبحث الاستعارة أخذ نصيباً أوفر من القراءات في (فن الشعر)، باعتبار أنَّ الاستعارة تتجسَّد أكثر في الشعر دون سواه، ولهذا فالاهتمام بها يفتر في فن الخطابة. وهو ما يعطي انطباعاً أولياً بـأنَّ الاستعارة خاصية شعرية. لكن الممارسة اللغوية، سواء في الإرسال أو في التلقي، تفرض علينا دوماً رصد التشابهات والتعرف إليها، سواء كان هذا الاستعمال العادي للغة أو في الاستعمالات الأدبية.



والاستعارة لم تعد حكراً على جنس أدبي دون آخر، فهي حاضرة حتى في خطاباتنا اليومية، لهذا كان لزاماً علينا إعادة النظر فيها، من خلال بلاغة أو بلاغات حديثة ممثلة بمناهج التحليل الحديثة، والتي تعد السيميائية أحدها. وبما انها تصنَّف على رأس الصور الأخرى التي تشكِّل الخطاب. فقد حقَّ لنا إطلاق صفة الاستعماري على جميع خطاباتنا المتوسلة باللغة، بدلاً من إطلاقنا صفة المجازي التي تضيق حدود استعمال اللغة(الكلام أو الحديث أو الخطاب)، وذلك لأنَّها تعد جميع الصور، مجازات لغوية فقط، لا صفة عالقة باستعمالات اللغة، انطلاقاً من أصغر وحداتها إلى أكبرها.
كما ان النصوص الإيحائية، حسب المؤلف حسين خالفي، تحمل دلالات غير معطاة بطريقة مباشرة هي معانٍ ثانية، وكذا دلالات مصدرها الثقافة والتاريخ، في حين أنَّ الخطابات البراغماتية هي خطابات المعاني، وبالتالي نكون أمام ثنائية المعنى التقريري والدلالة الإيحائية. وهي ثنائية يمكن مقابلتها بالمعنى ومعنى المعنى عند الجرجاني .أما فيما يخص العلاقة بينهما فقد فصل فيها هيلمسلاف، من خلال حديثه عن المعنى باعتباره المادة التي تشتق منها الدلالات، فالدلالة هي شكل لهذا المعنى ومشتقة منه تماماً، مثل الخشب الذي قد يكون مادة لعدة أشكال.
والدلالة هي نتاج عملية تجريدية، يقوم بها اللساني انطلاقاً من المعنى. وبالتالي فالمعاني معطاة بشكل سابق، بينما الدلالات مستجدة ومشتقة من المعاني، أي لا بدَّ من المرور بالمعنى للوصول إلى الدلالة عبر الاستدلال العقلي. كما إنَّه يجب الأخذ بانَّ مسألة اللفظ والمعنى شغلت حيزاً كبيراً في الفكر التقليدي العربي، سواء في الدراسات البلاغية أو النقدية.
غير أنَّ اللغة تكتسي كنظام سيميائي أهميةً بالغة بين أنظمة التواصل السيميائية الأخرى، نظراً لانفرادها بمجموعة خصائص حدَّدها الدرس اللساني الحديث, فهي شاملة للأنظمة العلامية الأخرى, لأنَّ هذه العلامات تتقاطع دائماً مع اللغة, ولا يمكنها أن تصبح دالة ما لم تتقاطع باللغة التي تعيرها نظامها الرمزي الدال, إلى جانب خاصية توفرها على أجرومية خاصة تفتقدها اللغات السيميائية الأخرى.

أضف إلى هذا قابليتها لأنْ تُقطَّع لوحدات دالةٍ وأخرى غير دالة, أو بالأحرى قابلية اللغة لأنْ تحلل في ذاتها, كما أنَّنا بإمكاننا تقطيع الوقائع السيميائية الأخرى انطلاقاً منها وعن طريقها, والأمثلة على هذا كثيرة قد أقرها جميع السيميائيين سواء في سيميولوجيا الدلالة أو التواصل أو السيميائيات السردية 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات