القائمة الرئيسية

الصفحات





المذاهب الأدبية: (المذهب الكلاسيكي***الرومانسي***الواقعي***الرمزي***السريالي***البرانسي)
المذهب الكلاسيكي:نتيجة بحث الصور عن المذاهب الأدبية
التعريف والاصطلاح:
المذهب الكلاسيكيclassicisme أول مذهب أدبيّ نشأ في أوربا في القرن السادس عشر بعد حركة البعث العلميّ، ويتجلى في بعث الآداب اليونانية واللاتينية القديمة ومحاولة محاكاتها، لما فيها من خصائص فنية وقيمٍ إنسانية، فقد أخذ العلماء يحللون هذه الآثار القديمة 
ليستنبطوا مبادئها وخصائصها التي ضمنت لها هذه المكانة العظيمة والاستمرارية المدهشة، وكان عملهم هذا إمّا بالتذوق أو بالتحليل المباشر، أو بما كتبه المنظرون القدماء أمثال أرسطو في كتابيه (الخطابة) و(الشعر)، وهوراس في قصيدته المطولة (فن الشعر).
من أهمّ خصائص المذهب الكلاسيكي التي تميّزه عن غيره من المذاهب :
1- الاعتماد على العمل الواعي المتّزن ، و التّفكير المعتدل ، لذا على الأديب تجنّب العواطف الذّاتية ، 
و الاعتماد على العواطف العامّة ، وهذا لا يعْني أنّ الأديب لا يُعَبّر عن عواطفه، بل الجانب الوجداني وارد في مؤلفاته، إضافة إلى المزاوجة بيْن الفكر و الخيال ، فيأتي من الوجدان و الفكر و الخيال في صورة معتدلة جميلة، وقيل إنَّ أخْلدََ عمل كلاسيكي هو إنتاج " راسين" لأّنه استطاع بعبقريته أنْ يُصَوّرَ عاطفة الحبّ بالاعتماد على التّفكير، و التعّمق في إطار القيم الإنسانية النّبيلة.
2- النزعة العقليّة: الاعتماد على مبادئ العقل، و تجّنب الإسراف العاطفي و هذه الخاصية ناتجة مباشرة عن الاعتماد على العقل الواعي المتّزن، وهي واضحة في شرح الخاصية الأولى. 
3- الاعتناء بالأدب الموضوعي من قصّة و مسرحيّة أكثر من الاعتناء بالفنون الأدبيّة الأخرى، وكان عليهم اختيار الفنّ الذّي يلائم مبادئ العقل و النّزعة العقليّة ، كما ورد في بداية الموضوع ، فإنّ الكلاسيكييّن تأثروا بالقدامى وحاولوا محاكاتهم لذلك ساروا على منوالهم فاعتنوا بالمسرح واهتمّوا به مثلما فَعَلَ اليونان قبلهم.
4- الحرص على جودة الصّياغة الّغوية ، ونَعْني بها الإمعان في صنعة الكلام، وفصاحة التّعبير.
5- التّقيّد بقانون الوحدات الثلاثة لأنّ اعتقادهم أنّ المسرحيّة إذا تعددّت مواضيعها، وامتدّت أحداثها عبر الزّمن الطّويل، وتنوّعت أماكن أحداثها تصدّع بناؤها و تفكّكت عناصرها
-6 محاكاة القدامى و تقليدهم لاعتقاد الكلاسيكيّين أنّ أدب اليونان و الرّومان هو أجود الآداب و أحسنها .
7- إحياء الثّرات الأدبي القديم، و هذا المبدأ لن يتحقّق بدون المبدأ الذّي سبقه.
من أبرز شخصيات المذهب الكلاسيكي في أوروبا
الشاعر الإنكليزي جون أولدهام  1653 – 1773م وهو ناقد أدبي ومن المؤيدين للكلاسيكية.
الناقد الألماني جوتشهيد  1700 – 1766م الذي ألف كتاب فن الشعر ونقده.
الأديب الفرنسي راسين  1639 – 1699م وأشهر مسرحياته فيدرا والإسكندر.
الأديب كورني  1606 – 1784م وأشهر مسرحياته السيد – أوديب.
الأديب موليير  1622 – 1673م وأشهر مسرحياته البخيل – طرطوف.
الأديب لافونتين  1621 – 1695م الذي اشتهر بالقصص الشعرية وقد تأثر به أحمد شوقي في مسرحياته.
المذهب الرومانسي:
التعريف والاصطلاح:
يعود مصطلح الرومانسيّة إلى كلمة رومان (Roman) ومعناها في العصر الوسيط: حكاية المغامرات شعراً ونثراً، كما تدل على المشاهد الريفيّة بما فيها من الروعة والوحشة، والتي تحيل إلى العالم الأسطوريّ والخرافيّ والمواقف الشاعرية، وأول ظهور لهذا المصطلح كان في ألمانيا في القرن الثاني عشر، ولم يكن واضح المعالم، فقد كانت له دلالات متعددة منها: القَصص الخيالي، والتصوير المثير للانفعال؛ والفروسية والمغامرة والحبّ، والمنحى الشعبيّ أو الخروج عن القواعد والمعايير المتعارف عليها، والأدب المكتوب بلغاتٍ محليّة غير اللغات القديمة، كالفرنسية والإيطالية والبرتغالية والإسبانية، وفي المجمل أصبح المصطلح يعني كل ما هو مقابل لكلمة (كلاسيك)، لذلك وُصِفَ بالرومانسية شعراء وروائيون ومسرحيّون عاشوا قبل عصر الرومانسية مثل شكسبير وكالديرون وموليير ودانتي وسرفانتس، لأنهم أتوا بأدب جديد، ولم يكونوا يعولون على الاهتمام بالأشكال القديمة.
وفي القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر كان هذا اللفظ يطلق مقصوداً به وصف كلّ بادرة جديدة تتحدّى القواعد الأدبية المترسخة بالذم أو النقص، يقول الشاعر (غوته): (الكلاسيكية صحّة، والرومانسية مرض). ولم يجرؤ أحدٌ من الشعراء الفرنسيين أن يطلق على نفسه وصف (رومانسي) حتى عام 1818م حين أعلن (ستندال): "أنا رومانسي، إنني مع (شكسبير) ضد (راسين)، ومع (بايرون) ضد (بوالو)".
أما الآن فإن مصطلح (الرومانسية) يُطْلَقُ على مذهبٍ أدبيٍّ بعينه ذي خصائص معروفة، استخلصت على المستوى النقدي من مجموع ملامح الحركة الأدبية التي انتشرت في أوربا في أعقاب المذهب الكلاسيكي، وكذلك على هذه الفترة وما خَلَّفَتْ من إنتاج على المستوى الإبداعي. والرومانسيّ يرفض تقليد نماذج الأقدمين، ويريد أن يكون مخلصاً لنفسه، وأصيلاً في التعبير عن مشاعره وقناعاته، وهو يقدّم كيفيةً جديدة في الإحساس والتصور والتفكير والانفعال والتعبير.
وفيما يلي عرض لأهم خصائص الرومانسية في التصور الغربي:
1- الاحتجاج على سلطان العقل، والاتجاه إلى القلب بما يجيش فيه من المشاعر الملتهبة والأحاسيس المرهفة، والعواطف والقلق والاندفاع نحو الجمال، والتغني بالحب الأفلاطوني، والعفوية والتمرّد على القيود الاجتماعية.
2- العودة إلى المصادر والأجواء الشعبية المحلّية وإعادة الاعتبار إلى العصر الوسيط المسيحيّ وما يتصل به من حكايات وأساطير وملاحم، إنها التفاتة إلى الماضي القومي فيها الكثير من التأمل والأحلام والحنين، وكأنما هي عزاءٌ عما أصاب أوربا من الكوارث، وقد دعم هذا النزوعَ المؤرخ (ميشليه) بأسلوبه الخطابي المفعم بالاعتزاز بماضي الأمة الفرنسية في العصر الوسيط وما خلفته من الأوابد والكنائس والمنجزات الحضارية، ونلمس تجسيداً لهذا التيار في كتابات (شاتوبريان) و(هوغو) و(ولتر سكوت) و(بوشكين)
3- تمرَّدَ الرومانسيون على جميع الأنظمة والقواعد والقوانين الاجتماعية،وراحوا ينشدون الحريّة، ومع هذا التمرّد والتحرّر كان يوجد بناءٌ لعالم جديد قوامه الحقّ والخير والعدل والمساواة كما يعتقدون، ومن أبرز شعراء الثورة والتمرّد (بايرون) و(وردزورث).
4- العزوف عن الأساطير اليونانية والرومانية والاغتراف من مَعين الدين ومصادره كالتوراة والإنجيل وما فيهما من شخصيات ونماذج، وقد وجد الرومانسيون في الدين ملاذاً ترتاح فيه نفوسهم الحائرة المعذَّبة وتسمو فوق الغرائز الماديّة.
5- العودة إلى الطبيعة واتخاذها إطاراً للمشاهد القصصيّة، فقد اكتشف الرومانسيون ما في الطبيعة من الجمال والعظمة، فأخلدوا إلى ما فيها من سكونٍ ووحشةٍ وعزلةٍ، فناجوها كأم رؤوم، ونشدوا في أحضانها ملاذاً للأشقياء وبلسماً وعزاءً للمعذبين، ولكنهم وجدوا فيها من ناحية أخرى الكائن الجبار الغامض المخيف الذي لا يبالي بالإنسان. 
6 - الولع بالتغُّرب والغريب والفرار إلى عوالم جديدة والترحال في بلاد بعيدة، واكتشاف الجديد من الأفاق والغريب من الأقوام والعجيب من الأمور، سواء في أوربا أو في الشرق والقارات الأخرى، وقد ظهر ذلك في أدب القصة والرحلات والمغامرات الذي تجلت فيه نزعة الإغراب، فهذا (شاتوبريان) يصف عاصفةً في صحراء رملية في مصر، وهذا (لامارتين) يرتحل إلى الشرق ويزور سورية ولبنان وفلسطين، أما (الفرد دوفينيي) فإنه يستوحي الأجواء التركية في مسرحياته، إنها النفوس التي تأبى أن يحدّها مكان، والتي تودّ أن تنداح في الكون الفسيح وتكشف المجهول.
7 - حين عزفت الرومانسية عن تصوير خوارق اليونان والرومان كالمردة والعمالقة والأبطال الخارقين، أبدعت لنفسها أبطالاً استمدوا شخصياتهم وملامحهم من التاريخ الوسيط أو المحلي المعاصر أو الحياة الاجتماعية بأسلوب شاعري محلّق في أجواء المثاليّة والعظمة، فهنالك البطل العاشق اليائس البائس، والبطل الممثل للعظمة الملحميّة والعبقرية، والبطل المعذّب شديد الحساسية، والبطل الطيب الشجاع، والبطل الذي تضافرت عليه مظالم المجتمع، إنها نقلةٌ وسيطة نحو الواقعية.
8 - اتّجه أدباء الرومانسية صوب المرأة، فأعطوها منزلتها وأعادوا إليها اعتبارها الاجتماعي، ولكن روحهم الشاعريّة اختلفت في النظر إليها، فبينما وجد فيها بعضهم الحبيبة والملهمة، رأى فيها آخرون مجلبةً للشقاء والألم، ورأى فيها آخرون كلا الوجهين المتناقضين، أما الحبّ فقد سما عندهم سمواً كبيراً.
9 - الفكر الجريء اللّماح المدرك للمفارقات والتناقضات والميّال إلى الحدس أكثر من الوعي والتفكير الموضوعي، إنه فكرٌ أقربُ إلى التأمل الشاعريّ.
10- إطلاق العنان للمواهب المبدعة خلف التصورات والأخيلة التي تصل إلى حدّ أحلام اليقظة والأوهام والشخصيات الغريبة كملهمات الشعر والأشباح.
11- غلبة الكآبة والحزن والصراع النفسيّ الدراميّ، وانتشار نغمات البكاء واليأس والانفصام عن المجتمع، والشعور بهشاشة الحياة ودنو الموت.
12- حرص الأديب الرومانسيّ على حريته التامة في الإبداع والتعبير، فجاءت آثار الرومانسيين متنوعة الألوان ضمن إطار الوحدة، وموحّدةً في إطار التنوع الفردي، فلكلّ كاتبٍ لونه الخاص المميّز، وكان (هوغو) لا يفتأ ينادي بالحريّة للفنّ كما ينادي بالحرية للمجتمع، وقد أثارت هذه الحريات الفردية كثيراً من المعارضة بدعوى أنّ الإفراط فيها يؤدي إلى إضاعة المعايير وتهديم الأدب، وقد ظهرت في الرومانسية بادرة البيانات والمقدّمات التي يعمد فيها الأديب إلى عرض معالم منهجه وبسط آرائه وقناعاته الفنيّة، كما فعل لامارتين في مقدمة (التأملات)، وهوغو في مقدمة مسرحية (كرومويل)، فكانت هذه المقدمات روافد مهمة في بلورة ملامح النظرية الرومانسية.
13- العزوف عن اللغة الكلاسيكية المتعالية النبيلة المتميزة بالجزالة والترفّع والتصنّع والدقة والاختصار والوضوح، والنزول بالأدب إلى اللغة المحليّة الطلقة المأنوسة التي يرتضيها الجميع، بصرف النظر عن النخبة الحاكمة والأوساط العلميّة والأكاديميّة.
من رواده:
 ميخائيل نعيمة, ايليا أبوماضي ,خليل مطران ,العقاد.....
من أهم اتجاهاته :
*الرابطة القلمية سنة 1920م و,وشعائرها,الدعوة الى الحق والخير والجمال.
وتأسست في الشمال الأمريكي ,وتسمىأيضا ب (مدرسة المهجر التجديدية),ومن زعمائها:ميخائيل نعيمة , ايلي أبو ماضي............
*مدرسة الديوان: تأسست في مصر,ومن زعمائها عباس محمود العقاد...
*جماعة أبولو: تأسست في مصر, ومن زعمائها أحمد شوقي (هو كلاسيكي, و لكنه مجدد في بعض الأمور التي تأخذ من خصائص هذا الاتجاه التابع للمذهب الرومنسي),أحمد زكي أبو شادي........
*العصبة الأندلسية :تأسست بالذات في البرازيل ,من بين روادها الشاعر القروي........هي ليست اتجاها عن المذهب الرومنسي ولكن ترتسف من بعض خصائصه.
المذهب الواقعي:
تعريف الواقعية:
الواقعيّة نسبة إلى الواقع، والواقع هو الموجود حقيقةً في الطبيعة والإنسان، وله نوعان: واقع حقيقي، وواقع فني.
فالواقع الحقيقي ما إذا وُصِفَ كان الوصف صادقاً لموافقته ما هو موجود، وكأنه صورة فوتوغرافية عن الواقع، أما الواقع الفني وهو المقصود في الأدب فإنه يرتكز على رسم إبداعي لواقع ليس من الضروري أن يكون حقيقياً تماماً، صحيحٌ أنه يأخذ سماته من الواقع الحقيقي، لكنه يحوّر ويزيد وينقص ويعيد التشكيل ليجيء بواقعٍ ليس نسخة مطابقة للواقع الحقيقي، وإنما هو محاكٍ له، لأنه يجري في ميدانه ويخضعُ لشروطه.
يبدع الكاتب الواقعي شخوصه ويصف ملامحها ويصوّر بيئتها كما يرى، ولكنه يتقيد بالأطر المألوفة التي يفترض ألا تثير الغرابة والاستنكار، وبهذا يشبه اللَّوحة الفنيّة التي يرسمها الفنّان مستمداً عناصرها من الواقع الخارجي الحقيقي ومخيّلاً واقعاً آخر هو واقعه الخاصّ الذي يراه من زاويته الإبداعية الحرّة، فهو يتصرف بالألوان والظّلال والخطوط والأشكال كما يريد دون أن ينأى عن منطق الواقع وسماته في الإنسان ومحيطه.
 إن الواقعية الأدبية هي تصوير فني للإنسان والطبيعة في صفاتهما وأحوالهما وتفاعلهما، مع العناية بالجزئيات والتفصيلات المشتركة للأشياء والأشخاص والحياة اليومية، ولو كانت تفصيلاتٍ مبتذلة، وكل ذلك ضمن الإطار الواقعيّ المألوف، وإن الواقع هنا لا تُشْتَرَطُ فيهِ الأمانةُ في النسخ بل يُشْتَرَطُ فيهِ ما يُسمَّى بالصِّدْقِ الفني، وبهذا يتحوّل الكاتب إلى فنان مبدع لا إلى مجرد ناسخ.
خصائصه:



الواقعيّة الناقدة (الأوربية):
يقصد بها المدرسة الواقعية الأصلية التي انتشرت في فرنسا ودول أوربا عند معظم الكُتَّاب بشكلها العام، مع التركيز على الاختلافات المحلية والفردية وتعدُّد الأطياف ضمن الاتجاه الواحد، وهي الواقعية الأم التي تتمتع بنهج أدبي ذي معالم خاصة، شملت الآداب الأوربية أكثر من نصف قرن، ولا تزال آثارها مستمرةً في القرن العشرين.
أما خصائصها فيمكن أن نجملها بما يلي:
1/ الانطلاق من الواقع الاجتماعي والطبيعي من خلال الارتباط بالإنسان وصراعه مع هذا الواقع، فالكاتب الواقعي ينزل إلى الواقع ويستمد منه موضوعاته وحوادثه وأشخاصه، ويصرف النظر عما سوى ذلك من المثاليات والخياليات، فما يعنيه هو الأمور الواقعة التي يعيشها الإنسان ويعانيها.. الإنسان المشخّص الحيّ الذي يضطرب في سبل الحياة والمعيشة، والذي هو المحور الأساس في الواقعية، وليس الإنسان المثاليّ المجرد الذي كان محور الكلاسيكية، ولا الإنسان المنعزل الهارب من المجتمع الذي كان محور الرومانسية.
إلا أن الفرد في المدرسة الواقعية قد يكون نموذجاً، لكنه نموذج نوعيٌّ يضم كل الأفراد الذين هم على شاكلته، والمجتمع الغربي يتألف من نماذج كثيرة، منها الإقطاعي والرأسمالي والعامل والفلاح والبورجوازي والتاجر والمرابي ورجل السلطة... وقد حرص الروائيون والمسرحيون الواقعيون على رسم هذه النماذج من الواقع.
وقد ابتعدت الواقعية عن التعامل مع عالم الأشباح والأساطير والأحلام والأوهام، فالذي يعنيها فقط هو الإنسان بلحمه ودمه ومشاعره وحاجاته ومطامحه وأفراحه وأتراحه.. الإنسان المرتبط بالأرض وما حوله من الناس وما يحيط به من الظروف، وهي تنطلق من جميع طبقات المجتمع، من أدنى الطبقات إلى أعلى الطبقات، لها كلها يكتب الكاتب لا لأجل فئة معيّنة يبتغي رضاها وعطاءها.
وقد أسهم في هذا الانقلاب التطورُ الذي نجم عن الدراسات الاجتماعية والآداب والثورات وما حمله من مبادئ الحرية والعدالة والمساواة وقيمة الفرد ودوره في المجتمع.
2/ العناية بالتفصيلات الدقيقة والثانويَّة مما يتعلَّق بوصف الملامح والأصوات والألبسة والألوان والحركات والأشياء إمعاناً في تصوير الواقع وكأنّه حاضر.
3/ التركيز على الجوانب السلبيَّة في المجتمع كالأخلاق الفاسدة والاستغلال والظلم والإجرام، حتى دُعيت الواقعية بالمتشائمة، رغم أن هذا التشاؤم ناشئ عن الرغبة في الرّصد والمعالجة، لا عن الرغبة في التشاؤم لذاته.
4/ حياديّة المؤلف التي تعني العَرْض والتحليل وَفْق واقع الشخصية بشكلٍ موضوعي لا وفق معتقدات الكاتب ومواقفه الخاصة، فالكاتب الواقعي مجرد شاهد يدلي بشهادته حسب منطق الحوادث، ولكن هذا لا يعني أن الكاتب غير مبالٍ بما يجري حوله، بل يعني أنه لا يريد أن يفرض آراءه وميولَهُ على القارئ. والأدب الواقعي ليس عابثاً بل له غاية نبيلة إذا تجرد منها سقط في الفراغ والعبث والخداع.
وبراعة الكاتب الواقعي تتجلى من خلال أنه يُؤَثِّرُ في القارئ ويقوده إلى أن يتخذ موقفاً أو رد فعل معيَّناً، فالقصة مؤثر يستثير عفوياً موقفاً من القارئ نفسياً أو سلوكياً، فهو يضع القارئ مثلاً في موقف رفض فيرفض من تلقاء ذاته، ويثير إعجابه بأمرٍ إيجابي فيُقْبِل عليه، ويُولِّدُ لديه نوعاً من التعاطف مع النموذج الإنساني فإذا به يحبه ويقدّر فيه فضائله أو يكرهه ويمقت مخازيه.
5/ تحريض الفكر وشحذ الإرادة وتقوية الشخصية وإشعار القارئ بأنه مسؤول عن مصيره ومصير مجتمعه ومشارك للكاتب في البحث عن الأسباب والدوافع وإيجاد الحلول.
6/ التحليل الذي يتجلى في البحث عن العلل والأسباب والدوافع والنتائج، فلكل ظاهرة اجتماعية سبب، والأديب الواقعي لا يعرض الظاهرة أو المشكلة مجردة، بل يبحث عن سببها ويوجه النظر إليه ليصل بالقارئ إلى القوانين المحركة للمجتمع، وبهذا يزداد وعي القارئ واستبصاره وقدرته على التحليل والتأمل والملاحظة والاستقراء ويصبح مؤهلاً لوعي الواقع وتفسيره وقادراً على تغييره
خصائص المذهب الواقعي:
الواقعيّة الأمّ:
وتسمى أيضاً الواقعية الأوربيّة أو المتشائمة أو الناقدة. والمقصود بها المذهب الواقعيّ الأصليّ الذي ساد في فرنسا وبلاد أوربا لدى معظم الكتّاب بشكله العام مع الاحتفاظ بالاختلافات المحليّة والفردية وتعدُّد الألوان ضمن التيار الواحد؛ وبشكل أكثر تحديداً الواقعية قبل أن تتفرع منها الواقعية الطبيعية والواقعية الاشتراكية الجديدة. 
وللواقعية الأمّ خصائص تميزها عن المدرستين الكلاسيكية والرومانسية وتجعلُ منها نهجاً أدبيّاً ذا معالم خاصة وماهيّة مستقلّة شملت الآداب الأوربية أكثر من نصف قرن. ولا تزال آثارها باقية ومستمرةً في القرن العشرين. ويمكن إجمال هذه الخصائص فيما يلي:
1- النزول إلى الواقع الطبيعي والاجتماعي والانطلاق منه، أي الارتباط بالإنسان في محيطه البيئيّ وتفاعله وصراعه مع المحيط الطبيعي والاجتماعي. من هنا يستمد الكاتب موضوعاته وحوادثه وأشخاصه وكلّ تفصيلاته. إنه ينزل إلى الأرض والبشر، ويصرف نظره عما عدا ذلك من المثاليات والخياليات، وما يهمُّه هو الأمور الواقعة التي يعيشها الناس ويعانونها. وكلمة (الناس) أو (الإنسان) يقصد بها هنا الإنسان المشخّص الحيّ الذي يضطرب في سبل الحياة والمعيشة، والذي له وجود حقيقيّ إنه المحور في الأدب الواقعيّ، وليس الإنسان المثاليّ العام المجردّ الذي كان محور الأدب الكلاسيكي. ولا الإنسان المنعزل المنفرد، الهارب من المجتمع الذي كان محور الأدب الرومانسيّ، إنّ إنسان الواقعية هو الفرد في تعامله وتفاعله ضمن تيار المجتمع والتاريخ المؤثر فيه والمتأثر به، الصانع والمصنوع في آنٍ واحد وقد ألمحنا فيما سبق إلى الدواعي التي سببت هذه النّقلة الجوهرية. وقد يكون الفرد في المذهب الواقعي نموذجاً، لكنه نموذج نوعيّ وليس عامّاً. إنه نموذجٌ يضم كل الأفراد الذين هم على شاكلته، والمجتمع يتكوّن من نماذج كثيرة منها الإقطاعي والرأسمالي والعامل والفلاح والبورجوازي والتاجر والمرابي ورجل السلطة والمرأة الطيّبة... الخ. وقد حرص كتاب الرواية والمسرحية الواقعيون على رسم هذه النماذج وخلقها لا من العدم والخيال بل من خلال الواقع. وقد عزفت الواقعية عن التعامل مع العالم الغيبي كالجنّ والأرواح والأشباح والملائكة والتشخّص والتجسّد الألّيغوريّ والأساطير والأحلام والمصادفات والخوارق... لأن هذه الأمور كلها لا تعنيها في شيء، والذي يعنيها فقط هو الإنسان بلحمه ودمه وأعصابه وغرائزه ومشاعره وحاجاته ومطامحه وآلامه وأفراحه المرتبط بالأرض وما حوله من الناس وما يحيط به من الظروف الموضوعيّة. 
ولهذا السبب سمَّى بلزاك مجموعة رواياته المئة (الملهاة البشرية) في مقابل (الملهاة الإلهية) لدانتي. 
إن الواقعية تنطلق من جميع طبقات المجتمع وأصنافه، من أدنى الطبقات الفقيرة والمعذبة والمسحوقة إلى أعلى الطبقات النبيلة والثريّة والمسيطرة. هنالك العمال والفلاحون والأجراء والمالكون والتجار والمرابون واللصوص والشحاذون والمحتالون والمجرمون والمنحرفون والسجناء والعواهر والسكّيرون واليائسون ورجال السلطة والحاكمون والعلماء والفنانون والنساء والأطفال وذوو العاهات... هنالك المجتمع بكامله، وبكل أعضائه وأجزائه. إليه ينزل الكاتب وفي أرجائه يتجوّل، ومنه ينطلق، ولأجله يكتب؛ لا لأجل فئة معيّنة يبتغي رضاها ونوالها. إن الشعب أصبح هو السيّد المحترم وليس البلاط أو الحامي النبيل. وقد أسهم في هذا الانقلاب الكوبرنيكيّ التطوّر الديمقراطيّ الذي أسفرت عنه الدراسات الاجتماعية والآداب والثورات وما حمله من مبادئ الحرية والعدالة والأخوة والمساواة والديمقراطية وقيمة الفرد ودوره في المجتمع الذي يناضل للتحرّر من كل سلطان مستبد أو أي متحكم سابق سواءٌ أكان متمثلاً في السلطة الملكية أو الامبراطورية أو الكنيسة أو الإطار الاقطاعي والرأسماليّ... وقد ساعد على الاتجاه نحو الشعب انتشارٌ الطباعة والصحافة على نطاق جماهيري واسع يستطيع الكاتب من خلاله الوصول مباشرة إلى كلّ القراء، ويقيس نجاحه بمقدار إقبالهم على قراءة نتاجه وتعاطفهم مع أطروحاته التي هي أطروحاتهم في الوقت نفسه.
ولا بدّ من الإشارة إلى أمرين هما من لوازم الواقعيّة أوّلهما: العناية بالتفصيلات الدقيقة والثانويَّة حتى التافه منها مما يتعلَّق بوصف الملامح والأصوات والألبسة والألوان والحركات والأشياء... إمعاناً في تصوير الواقع وكأنّه حاضر. والثاني: التركيز على الجوانب السلبيَّة من المجتمع كالأخلاق الفاسدة والاستغلال والظلم والإجرام والإدمان.. حتى لقد دُعيت بالمتشائمة، وفي الحقيقة لم يكن هذا ناشئاً عن التشاؤم بقدر نشوئه عن الرغبة في الرّصد والمعالجة. إن أبرز مخازي ذلك المجتمع المصطخب يصدر عن غاية خفيَّة وظاهرة في آن معاً، فهي خفيَّة لأن الكاتب لا يريد إيجاد الحلّ بنفسه ولكنه يصوّر الأمور تاركاً القارئ يبحث عن الحلّ. وهي ظاهرة لأن من طبيعة المذهب الواقعيّ الاهتمام بمصير الإنسان والأخذ بيده إلى مستقبل أفضل...
2- حياديّة المؤلف: وهي تعني العَرْضَ والتحليل وفق واقع الشخصيّة وطبيعة الأمور وبشكلٍ موضوعيٍ لا وفق معتقدات الكاتب ومواقفه السياسيّة أو الدينية أو المزاجية أو الفكرية أو القيميّة. الكاتب هنا شاهدٌ أمين. يدلي بشهادته حسب منطق الحوادث ومبدأ السببيّة والضرورة الحتميّة وليس كما يهوى ويريد. وهذا لا يعني أنه غير مبالٍ بما يجري حوله، بل يعني أنه لا يريد أن يفرض رأيه وميوله على القارئ. وكما أسلفنا إن الأدب الواقعيّ ليس مجانياً ولا عابثاً بل له غاية نبيلة غير مباشرة إذا تجرّد منها سقط في الفراغ والتفاهة والعبث والخلب الخادع الذي يقصد منه تزجية الوقت والتسلية وهذا النوع من الأدب هو أرخص الآداب وأدناها.
إن الكاتب الواقعيّ يبدو حيادياً، ولكن براعته في أنه يقود القارئ إلى موقف بحسب القوانين السيكولوجية في المؤثرات وردود الفعل. فالقصة تغدو مؤثراً يستثير عفوياً موقفاً من القارئ نفسياً أو سلوكياً. فالكاتب لا يأمر ولا ينهى ولكنه يضع القارئ مثلاً في موقف رفض أو قرف، فينتهي من تلقاء ذاته؛ ويثير إعجابه بأمرٍ إيجابي فيقبل عليه، ويخلق عنده نوعاً من التعاطف مع النموذج البشري فإذا به يحبّه ويقدّر فيه فضائله أو يكرهه ويمقت مخازيه.
إن الكاتب الواقعي لا يخاطب القارئ مباشرة بل من وراء حجاب يثير المشكلة وينسحب تاركاً الحكم للقارئ بعيداً عن الخطابة والوعظ وأسلوب المحاضرة والتربية... وحين يعمد الكاتب إلى التقرير والهيمنة تهبط قيمة أدبه. إن من أهم مزيا الأدب الواقعي تحريض الفكر وشحذ الإرادة وتقوية الشخصيّة وإشعار القارئ بأنه مسؤول عن مصيره ومصير مجتمعه ومشارك للكاتب في البحث عن الأسباب والدوافع وإيجاد الحلول. نعم..., قد يوحي الكاتب ويمهّد ويرهص ولكن من خلال اختياراته ووصفه وسرده.... وهذا لا يتنافى والحياد.
3- التحليل: أي البحث عن العلل والأسباب والدوافع والنتائج فلكل ظاهرة اجتماعية سبب والظاهرة الاجتماعية كالظاهرة الطبيعيّة تخضع لمبدأ السببيّة. وللظواهر المتماثلة أسباب متماثلة، وإذن فهنالك قانون يختفي وراء الظواهر والأسباب. والأديب الواقعيّ لا يعرض الظاهرة أو المشكلة مجرّدة. بل يبحث عن سببها ويوجّه النظر إليه ليصل بالقارئ إلى القوانين المحركة للمجتمع التي تكون من طبيعة اقتصادية أو سياسية أو دينيّة أو سلطويّة... وبهذا يزداد وعي القارئ واستبصاره وقدرته على التحليل والتأمّل والملاحظة والاستقراء ويصبح مؤهّلاً لوعي الواقع وتفسيره وقادراً على تغييره. ولكنْ.. كيف؟ وفي أيّ اتجاه؟ هذا ما لا يقوله الكاتب.
4- الفنيّة الواقعيّة: قال بعض النقاد: "إن الواقعية علميّة وليست جماليّة" ولئن صحّ الشطر الأول من هذه المقولة فعلى الشطر الثاني اعتراض. إن النصّ الواقعيّ ليس كتابة لبحثٍ علمي أو تقرير صحفي، إنه الأدب، والأدب فنّ، وكل فن يبتغي الجمال...! ويتفاوت الكتاب في درجات الفن، كما هو الأمر في بقية الفنون، بين الشعوذة والعبقرية، ولا جدال في أن للواقعية جماليتها التي تتلخص خصائصها فيما يلي: 
أولاً- فضّل الواقعيون النثر على الشعر لأنه اللغة الطبيعية للناس أما الشعر فبالرومانسية أشبه ولها أنسب. فاختاروا جنسي الرواية والمسرحيّة، ونالت الرواية النصيب الأوفى من أدبهم لأنها تتيح مجالاً واسعاً ومرناً للوصف والإفاضة والتحليل، وتستوعب أزماناً طويلة وتغطي أمكنة كثيرة وتتضمّن شخصياتٍ غير محدودة. وأتت المسرحية في المقام الثاني ثم جاء الشعر في وقتٍ متأخر مع المدّ الاشتراكيّ. وهذا لا يعني أن النثر الواقعي مجرّد من عنصر الشعريّة بصرف النظر عن الوزن والقافية. لقد استفاد كتاب كثيرون من اللمسات الشعرية المستحبّة ولا سيما في تصوير العواطف والتصوير الخيالي الفنّي. كما فعل بلزاك الذي عرف كيف يستفيد من الرومانسية في إبائها فأكسب أسلوبه الحيوية والحرارة وبراعة الصورة وموسيقا العبارة، فأقبل الناس على كتاباته بشغف بخلاف زميله ستندال الذي جاءت كتاباته خلواً من الشاعريّة فأعرض عنها الناس لعدم إرضائها لديهم هذه الحاجة الفنيّة وإذا قلنا الرواية والمسرحية فإننا نعني كل مقوماتهما وتقنّياتهما الفنيّة. من حيث المداخل والمقدمات والأبواب والفصول والمشاهد وبراعة القصّ والحوار وجمال السردّ والحيوية والحركة والحبكة والتعقيد والمفاجأة والمماطلة بالحلّ والمعالجة غير المباشرة، والإبتعاد عن الثرثرة والحشو وما إلى ذلك مما يطلب توافره في القصّة والمسرح. أمّا الشعر فلا يسمّى شعراً إلاّ بمقوَّماته المعهودة في عالم الأدب والنقد.
ثانياً: اللغة المأنوسة الواضحة البعيدة عن التوعرّ والتكلف من جهة وعن الإسفاف والابتذال من جهة أخرى، المراعية لقواعد اللغة مع شيءٍ من المرونة والتسامح حين يتعلق الأمر بالطبقات الشعبية العادية البعيدة عن جواء العلم والثقافة... فآنذاك يجد الكاتب نفسه مضطراً لاستعمال مفرداتهم وتعبيراتهم الشائعة وأمثالهم وتسمياتهم الشعبية وطرائقهم في الحوار والمجاملة والمخاصمة.. وقد عُدَّ هذا من مقومات الواقع، وكان له تأثيره في إغناء اللغة الفصيحة وتطويرها.
ثالثاً: الإبداع والخلق، أي تركيب عالمٍ شبيهٍ بالواقع وليس نسخة أمينة عنه.. وقد سبق الكلام في هذه الخصيصة الفنيّة.
رابعاً: البعد عن التقرير والمباشرة والخطابة والوعظ.
خامساً: تجنّب الإكثار من التفصيلات والدقائق التافهة المربكة ولا سيما إذا كانت غير موظفة توظيفاً جيداً.
سادساً: التحليل والنفوذ وعدم التسطّح، والوصول إلى خفايا النفس والعلل والأسباب 
سابعاً: براعة الوصف والتصوير على المستويين الداخلي والخارجيّ ونقل القارئ إلى عوالم جذابة ممتعة مثيرة للدهشة وحب الاطلاع.
ثامناً: براعة النمذجة؛ أي رسم النماذج الإنسانية المختلفة.
تاسعاً: مسّ الأوتار العاطفية في النفس الإنسانية مع إرضاء الحاجات الفكريّة والخيالية وعدم الاكتفاء بالإثارة الحسيّة...
عاشراً: تلاحم الشكل والمضمون، بأن يكون الشكل الفني تابعاً للمضمون وخادماً له. وبمقدارما تتوافر هذه الخصائص الفنية في النصّ الواقعي يرقى ويرتفع ويشهد لصاحبه بالعبقرية والبراعة. وبها تتفاوت أقدار الأدباء. وشتّان -مثلاً- مابين عباقرة مثل بلزاك وفلوبير ودوستويفسكي وبين كاتب بهلوانيّ مثل والترسكوت أو كاتبٍ مغامراتٍ ومبارزاتٍ مثل دوماس الأب...!
ب- الواقعيّة الطبيعيّة:
وتسمّى أيضاً بالمذهب الطبيعي، وهي فرعٌ للواقعية الأمّ تكوّن في نهاية القرن التاسع عشر على يد إيميل زولا، ولم يجر تحديد هويّته إلا في القرن العشرين. وكان الناقد برونتيير (1909) يصنف زولا في زمرة الواقعيين مثل موباسّان وفلوبير ودوديه. وتتميز هذه المدرسة بالخصائص الآتية:
1- المبالغة في التزام الواقع الطبيعي إلى درجة الاهتمام بالأمور القبيحة والمقرفة والوضيعة، والمكاشفة الجنسيّة، والألفاظ البذيئة بدعوى أنّ ذلك من تصوير الواقع الحقيقيّ تصويراً علمياً أميناً لا مواربة فيه. فلا داعي لتحريمها أو الترفع عنها...
2- الإخلاص الكامل للعلم الطبيعي والفلسفة الماديّة والوضعيّة، وتصور العالم من الوجهة العقلانية الماديّة فقط. والنأي التامّ عن الغيبيّة والمثاليّة، حتى لقد أضحى المذهب الطبيعيّ هو الدين الجديد، وحلَّ رجل العلم والتكنولوجي مكان القسّ، ولم تكتف الطبيعية بذلك، بل أخذت تهاجم الكنيسة والمنطلقات الدينية وتسخر منها، ولا سيّما فيما يخصّ الجنس والمكافأة الأخرويَّة للفقراء...!
فالدين عندها معوّق للتقدم، والفقراء والعمال والفلاحون لادينيون والإله مات في زعمهم. وقد أضاف زولا إلى هذا النهج المعطيات الفرويديّة في التحليل النفسيّ كعقدة أوديب (عشق الولد أمَّهُ) وعقدة إليكترا (عشق البنت أباها) وكون الجنس المحرك الأساسيّ العميق للسلوك، واكتشاف عالم الباطن اللاشعوري؛ كما أضاف تأثير البيئة والوراثة في تكوين السلوك والطباع وضروب السلوك. فبدت رواياته السليلة الشرعية للعمل التجريبيّ الذي تطوّر على يد تين وداروين وكومت وكلود برنار وفرويد...
3- عدم الحياد: فالموقف صريح واضح إلى جانب التقدم البورجوازي والديموقراطية ومحاربة الفساد والظلم والانهيار الأخلاقي...
4- النظرة إلى المجتمع في إطار الوحدة الكلية المتماسكة، أي كالجسد الواحد، يتضامن أعضاؤه جميعاً في مسؤوليتهم إصلاحاً وفساداً.
5- التفاؤل والأمل واليقين بانتصار العلم والحب وسيادة الحرية والديموقراطية والعدل والأخوّة والمساواة... ولاينفي هذا الاتجاه بعضُ الاستثناءات؛ ففي الوقت الذي وجد فيه كتابٌ مسرحيون متفائلون مثل سكريب وساردو كان الكاتب المسرحي الطبيعي هنري بيكّ H. Beeque متشائماً لا مبالياً بالهدف الإصلاحي، اكتفى بتصوير المجتمع كما هو بحثالته ومغفّليه وشرّيريه بأسلوب لاذع (مسرحيتا الغربان والباريسيّة). 
وقد ظهرت في هذا الاتجاه اللامبالي الكوميديا الطبيعية وما سميّ بالمسرح الحرّ، الذي كان لا يعبأ بأي نقد أو رقابة سوى حكم الجمهور، وقد بالغ في التشاؤم وعرض المخازي واستخدام اللغة المكشوفة البذيئة والعاميّة حتى أصبح ممجوجاً، وسرعان ما انسحب أمام المسرح الواقعي المتفائل.
ج- الواقعية الاشتراكية:
وتسمَّى أيضاً الواقعية الجديدة. وقد نشأ هذا المذهب منذ البداية رداً على الرومانسيّة والواقعية الانتقادية المتشائمة والطبيعيّة السطحيّة، ونما وانتشر مع اتساع الدراسات الاشتراكية والتطبيق الاشتراكي؛ ولما كانت الاشتراكية نظرةً فلسفيّةً واجتماعية تشمل كل فروع المعرفة والحياة فقد اهتمت بالأدب الواقعيّ ووجهته وجهةً خاصّةً تناسبها، ووجدت فيه خير مصوّر للواقع وباعثٍ للوعي وحافز إلى التغيير باتجاه التقدُّم. ومن هنا نشأت الواقعية الاشتراكية في الأدب وأصبحت مدرسةً عالمية لها منهجها العقائدي المتميّز الذي تمّ من خلاله استخلاص مدرسةٍ نقدية سميّت بمدرسة الواقعية الاشتراكية. وقد تبلورت معالمها في الثلاثينيات من القرن العشرين.
وتتلخص سمات المدرسة الواقعية الاشتراكية في الأدب بالخصائص الآتية: 
1- إنها تنطلق من الواقع الماديّ من خلال فهمٍ عميقٍ لبنية المجتمع والعوامل الفعالة فيه والصراعات 
التي ستفضي إلى التغيير. فالواقع هو الصادق الوحيد والقاعدة العلميّة الموضوعيّة. 
2- الأديب طليعة مجتمعه بما أوتي من مؤهلاتٍ فكرية وفنيّة ووعيٍ للعالم ومؤهلاتٍ قياديّة تمكّنه من التأثير في الأفكار والعقائد والقناعات والسلوك؛ فله إذن رسالة جوهرية إيجابيّة وهي الاتجاه مع المجتمع لبناء مستقبلٍ أفضل للجماهير العريضة. إن الأدباء هم (مهندسو النفس البشرية) ولذلك لابد لهم من رؤية مستقبليةٍ واضحة لما يجب أن يكون.
3- ينطلق الفهم العميق للمجتمع من التحليل الماركسيّ للصراع الطبقيّ والوصول إلى كنه التناقضات الجدليّة في هذا الصراع الذي يقوم على التأثير والتأثر والناتج.
4- عدم الاكتفاء بالتصوير بل لابد من شفعه بالتحليل واستخلاص العوامل الفعالة في صياغة المستقبل التقدمي، وهنا تبرز رسالة الكاتب وإعلاء شأن الإرادة الإنسانية ونضالها العنيد ضمن الإطار الجماعيّ الطبقي لصنع المصير وفق المنطق التاريخي. وإنّ الكاتب لا يبقى مشاهداً سلبياً بل يتدخل لتغليب الإيجابيات وتعزيز النضال.
5- الواقعية الاشتراكية متفائلة، تؤمن بانتصار الإرادة الجماهيريّة التي تتجه دوماً في طريق الحق والخير وتتمكن من إعادة بناء المجتمع الجديد.
6- تولي الواقعية الاشتراكية أهمية كبرى لرسم وإبراز "النموذج البطولي" في إطار التلاحم النضالي مع الجماهير والتصميم الإرادي والصلابة والوعي والتضحية، بحيث يصبح نمطه مثالاً للمناضلين، يحبّونه ويقتدون به.
7- الواقعية الاشتراكية إنسانيَّة وعالميّة تؤمن بوحدة قضايا الشعوب ووحدة نضالها في سبيل التحرّر الاجتماعي والسياسي ووحدة الخط التاريخي، وتدين أشكال الاستعمار والاستغلال والفردية والتمييز العنصري والدينيّ.
وترى أن القوميّة جسرٌ إلى العالمية، وترفض الاعتداء والتسلّط والحروب 
8- لا تهملُ المقومات الفنيّة كالمقدرة اللغوية والأسلوبية وبراعة التصوير الطبيعي والنفسيّ وحرارة العاطفة والمقومات الخاصة بكل جنسٍ أدبيّ وهي تتجه إلى الجماهير في خطابها ولذلك تختار اللغة السهلة المتداولة. ولا تقيم وزناً لأدب يؤدي الأهداف دون حسٍّ مرهفٍ وأداءٍ فنّي. فالمضمون والشكل متضامنان لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
رواد الأدب الواقعي:
بلزاك (1799م – 1850م)- ستندال (1783م- 1842م) من رواياته (الأحمر والأسود) - إيميل زولا (1840م – 1902م) له روايات كثيرة مثل: (غلطة الأب موريه، أوجين روغون، نانا...) – الاديب الروسي كسيم غوركي (1868م – 1936م).
أما الواقعية الحقيقية في أدبنا العربي فقد ظهرت عند الكاتب "طه حسين" في كتابه "المهذبون في الأرض" حيث عبر فيه عن رفضه لمظاهر الظلم و الفقر كما مثل الأديب "توفيق الحكيم" في روايته بعنوان "يوميات نائب في الأرياف كما ظهرت الواقعية أيضا عند كثرين من الأدباء العرب منهم "يوسف إدريس" في روايته "الحزم" و عند الأديب "عبد الرحمان السرقاوي" في روايته "الأرض" و عند الأديب "يحيى حقي" في مجموعته القصصية "هاء وطيف" أما الواقعية في الأدب الجزائري فقد تجلت خاصة في الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية فقد ظهرت عند الأديب "مولود فرعون" في روايته Le fils des pauvre .
المذهب الرمزي:
تعريف الرمزية:
الرمزية مذهب أدبي فلسفي، يعبر عن التجارب الأدبية والفلسفية المختلفة بوساطة الرمز أو الإشارة أو التلميح. والرمز معناه الإيحاء، أي التعبير غير المباشر عن الأحوال النفسية المستترة التي لا تقوى اللغة على أدائها، أو لا يُرادُ التعبير عنها مباشرة.
خصائص المذهب الرمزي:-
1- الغموض:-
ويعود الغموض في الأدب الرمزي إلى كون الرمزيين يحاولون استجلاء ما وراء عالم الحس الخفي، وما في داخل النفس الإنسانية.
2- الإيحاء:-
حيث يرتبط الإيحاء بمفهوم الغموض ارتباطاً عضوياً، فالإيحاء لا يؤدي دلالة واضحة، وإنما ينقل حالة نفسية إلى القارئ من خلال التراكيب اللغوية.
3- اهتم الرمزيون بالموسيقى في شعرهم، وعدّوها جزءاً من تكوين النص الرمزي.
4- الاعتماد على تراسل الحواس في التعبير الأدبي.
5- آمن الرمزيون بفكرة الفن للفن. وضح ذلك.
إذ دعوا إلى أن يكون الأدب غاية في ذاته لا يوظف من أجل تحسين الواقع.
* ما المقصود ب"تراسل الحواس"؟
هو أن يوصل الشاعر دلالات مبتكرة من خلال تبادل معطيات الحواس وتراسلها كأن يستخدم حاسة اللمس لما يقتضيه السمع.
رواده:
من رواده الشاعر أدونيس ,نازك الملائكة ،صلاح عبد الصبور......
المذهب السريالي:
التعريف : 
السريالية "أي ما فوق الواقعية أو مابعد الواقع" هي مذهب أدبي فني فكري أردا أن يتحلل من واقع الحياة الواعية , وزعم أن فوق هذا الواقع أو بعده واقع آخر أقوى فاعلية وأعظم اتساعاً وهو واقع الاوعي أو اللا شعور , وهو واقع مكبوت في داخل النفس البشرية , ويجب تحرير هذا الواقع وإطلاق مكبوته وتسجيله في الأدب والفن . وهي تسعى إلى إدخال علاقات جديدة ومضامين غير مستقاة من الواقع التقليدي في الأعمال الأدبية . وهكذا تعد السريالية اتجاهاً يهدف إلى إبراز التناقض في حياتنا أكثر من اهتمامه بالتأليف.

مميزات و خصائص الحركة السريالية:
 الحركة السريالية تعبر عن خواطر لنفس في مجراها الحقيقي دون التقيد برقابة العقل أي أنها تلقائية نفسانية تؤمن برفعة و سمو الحلم و اللاشعور في الإبداع الفني تعبر عن انشغال الفكر بالاعتماد على التخيلات الأحلام دون التقيد بالأخلاقيات تعتمد أساسا في الرسم على الأشكال الطبيعية و الارتقاء بها إلى ما فوق الواقع و اللوحة السريالية ذات تركيبة تشكيلية غريبة ليست معهودة من قبل الحركات الفنية السابقة أما العناصر و الأشكال في اللوحة السريالية فهي مستمدة من الطبيعة و الواقع غير أنها في أوضاع و تنظيمات بعيدة كل البعد عن الحقيقة و توحي اللوحة السريالية بصور ذات تخيلات غريبة و رموز غامضة و معقدة .
ومن أبرز الشخصيات السريالية :- 

أندريه بروتون 1896 - 1966 وهو عالم نفس وشاعر فرنسي يعده النقاد مؤسس السريالية.
-ثورنتون وأيلور وهو كاب مسرحي ألف مسرحية جلد الإنسان بين الأسنان سنة1942  وهي مسرحية تجنح إلى الخيال والعنف الناتج عن اللاشعور عند شخصيات المسرحية .
-سلفادور دالي ولد سنة 1904 وهو رسم إسباني, ويعد من أبرز دعاة السريالية.
التعريف :
البرناسية مذهب أدبي فلسفي لا ديني قام على معارضة الرومانسية من حيث أنها مذهب الذاتية في الشعر، وعرض عواطف الفرد الخاصة على الناس شعراً واتخاذه وسيلة للتعبير عن الذات، بينما تقوم البرناسية على اعتبار الفن غاية في ذاته لا وسيلة للتعبير عن الذات، وهي تهدف إلى جعل الشعر فناً موضوعيًّا همه استخراج الجمال من مظاهر الطبيعة أو إضفائه على تلك المظاهر، وترفض البرناسية التقيد سلفاً بأي عقيدة أو فكر أو أخلاق(*) سابقة.
وهي تتخذ شعار "الفن للفن".
التأسيس وأبرز الشخصيات:
أطلق أحد الناشرين الفرنسيين على مجموعة من القصائد لبعض الشعراء الناشئين اسم "البرناس المعاصر" إشارة إلى جبل البرناس الشهير باليونان التي تقطنه "آلهة الشعر" كما كان يعتقد قدماء اليونان إلا أن الاسم ذاع وانتشر للتعبير عن اتجاه أدبي جديد. وإن كان دعاة هذا المذهب قد انتسبوا إلى مذاهب أدبية أخرى تشكلت فيما بعد ومنهم:
- شارل بودلير 1821 – 1867م وهو شاعر فرنسي، نادى بالفوضى الجنسية، ووصف بـ "السادية" أي التلذذ بتعذيب الآخرين.
- ومنهم تيوفيل جوتييه 1811 – 1872م وهو من أكبر طلائع البرناسية.
- ومنهم لو كنت دي ليل ويعد رئيس هذا المذهب، وقد تبلورت مبادئه بعد منتصف القرن التاسع عشر وانتهى به الأمر إلى أن ترك النصرانية إلى البوذية.
- ومالا راميه 1842 – 1898م وهو شاعر فرنسي، ويعد من أشد المدافعين عن هذا المذهب. ومن أعمدة المذهب الرمزي أيضاً.
الخصائص العامة المذهب البرناسي
1-الفن عند البرناسيين غاية في ذاته لا وسيله للتعبير عن غاية(لاعن ذات الفنان ولاعن المجتمع ولاعن الاخلاق)ومادته هي الصور الجميلة التي تستمد وجودها من اللغة، وبالتالي تنتصر للشكل وتحرص على تنحية الشاعر من مشاعره وآلامه من منطلق قولهم :" ليس المهم ما نقول ولكن كيف نقول او كيف نعبر عن" .
ويرى (فان تيغم) إن البرناسيون يقرون بجمال الشكل والمضمون معاً وذلك من منطلق ان الشكل يُعنى بالجمال مباشرة والفكرة بشكل غير مباشر.
2-قد يغترب البرناسيون بالأفكار النائية او العصور الماضية اغتراباً علمياً ، وذلك إنهم كانوا يبحرون في علم التاريخ ويحيطون بما وصل اليه العلم في دراسة الأجناس البشرية ودياناتها وأساطيرها وحضاراتها ، وكانوا يفعلون مثل ذلك في تصوير مناظر الطبيعة والاحياء في البلاد النائية ويسجلون هذه المواقف والمناظر تسجيلاً موضوعياً لاتظهر فيه ذاته كما كان عليه الحال عند الرومانسيين .
 3-وهم يوافقون الرومانسيين في العناية بالصورة الشعرية والوحدة العضوية اذ فيها روح الشعر في معناها الحديث ، ولكن صورهم موضوعية خلافاً لصور الرومانسيين الذاتية، ولا يعتقد البرناسيون بالإلهام وميزة الشعر عندهم ان يعمم الشاعر مشاعره الخاصة في صور موضوعية كما يعمل العالم في معمل تجاربه.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات