القائمة الرئيسية

الصفحات

بلاغة الخطاب في كتاب كليلة ودمنة لإبن المقفع مقاربة تداولية




بلاغة الخطاب في كتاب كليلة ودمنة لإبن المقفع مقاربة تداولية
بلاغة الخطاب في كتاب كليلة ودمنة لإبن المقفع مقاربة تداولية PDF
 قد شكل التراث العربي متنفسا للباحثين المعاصرين ، وذلك من منطلق شغف التنقيب عن قراءة جديدة تتماشى مع الدراسات اللغوية المعاصرة ، من خلال ما تسلحوا به من آليات للولوج إلى أسراره وكنوزه . فهذا الفضاء البحثي يريد محاولا - القيام بقراءة مدونة تراثية ضمن دراسة حديثة أقل ما يمكن وصفها به أما شبيهة مغامرة استكشافية لتراث ثري و مشقر ، هذه المدونة تتمثل في كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع . ولأجل ذات الغرض ، جاءت الدراسة موسومة بـ : " بلاغة الخطاب في كليلة ودمنة لابن المقفع مقاربة تداولية " في محاولة لدراسة ملامح و أبعاد التشكيل التداولي وبلاغته في المنجز الكلامي لكليلة ودمنة صوغا ، تعبيرا وأداء .
 الكتاب عبارة عن مجموعة من الحكايات تدور على ألسنة الحيوانات و هي ذات مغزى إرشادي ، يحكيها الفيلسوف " بيدها " للملك " دهشليم " ، ويبث من خلالها " ابن المقفع " آراءه السياسية في المنهج القويم للحكم ، . وميزة هذا الكتاب عن غيره أنه لا يتقيد بعصر أو بيئة ، فهو ينسحب على كل الأزمنة والبيئات ، و لأجل كل ذلك ينبغي الاحتكام إلى منهج مناسب تكون آلياته التي يعتمد عليها في أثناء التحليل أكثر مرونة ونجاعة للوصول إلى فهم الخطابات التي يحتويها الكتاب فهما جيدا فاختير المنهج التداولي . 
 تهدف التداولية إلى تطوير نظرية الأفعال الكلام ، أي للأنماط المحردة أو للأصناف التي تمثل الأفعال المحسوسة والشخصية التي تنجز في أثناء الكلام ، واضعة بذلك موضع السؤال التقابل " السوسيري " بين اللغة والكلام ، ورافضة اعتبار هذا الأخير موضوعا غير قابل للدراسة المنهجية ؛ إذ لم تعد اللسانيات ذلك العلم الذي ينعزل في مختبراته بعيدا عن تدفق الحياة اللغوية ، لم تعد علما مخبريا يعتمد المناويل اللغوية بمعزل عن وظائف أخرى ، لأنه ليس بإمكاننا حقيقة فهم طبيعة اللغة ذاتها إلا إذا فهمنا التداولية كيف تستعمل اللغة في الاتصال.
وليس من محض الصدف اختيار كليلة ودمنة أنموذجا للبحث - بل لما تتميز به من عناصر صالحة لأن تكون حقلا خصبا تطبق فيه التداولية ألباما الإجرائية ، و من ذلك أسلوب الحوار الذي يُظهر اللغة مستويها التفاعلي والتواصلي ، من خلال ما يدور بين " ديشليم " الملك و " بيدها " الفيلسوف ، إضافة إلى أن قسم الكتاب تعتمد أسلوب التلميح الذي تحسده شخوص الحيوانات وهذا ما يمكن دراسته ضمن قوانين الخطاب فيما بعرف بالأقوال المضمرة . كما أن " ابن المقفع " يتمتع بعقل جبار ، وبداهة حاذقة لأنه يملك ذخيرة لغوية عظيمة ، ومادة فكرية واسعة ؛ وقد ساهم في تطوير أساليب العربية ذاتها ؛ فوصل بها إلى درجة فريته من الإتقان المنشود القائم على الوضوح والجمال الفني ، ولعل زمن البدايات الذي عاش فيه ابن المقفع يبرز قيمة ما قدمه للعربية والبحث الأدبي والفكري ،وكل هذه الدوافع كانت وراء اختيار هذا الموضوع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات