كتاب بؤس البنيوية الأدب والنظرية البنيوية pdf
تحميل كتاب بؤس البنيوية الأدب والنظرية البنيوية pdf
قامت النظرية الأدبية الحديثة على أعمال كل من ماركس وسوسور وفرويد ؛ بيد أن ما بُني على تلك الأعمال كان بنية فوقية شاسعة وباروكية من النظريات والتناقضات ، عن المجتمع ، واللغة ، والذات الإنسانية ، كفيلة بأن تُدهش تمامًا أولئك الثلاثة الذين قامت عليهم . والنظرية الأدبية الراديكالية الجديدة تثير التزاما محمومًا لدى بعضهم ، إلا أنها تُربك غير الملتزمين بيننا وتغضبهم بقدر ما تفتنهم ، والسؤال المطروح هو هل هذه الميتافيزيقا المتناقضة ضرورية لفهم الأدب ؟ وهل تنطوي على أي معنى في الحقيقة ؟ وفي هذه الأيام ، ومع اختفاء الماركسية من مواطنها الأوربية الشرقية ، يبرز سؤال قاتم : هل شكلت هذه المجموعة من الاحتجاجات الراديكالية نظرية في الأدب جديةً في أي يوم من الأيام ؟ وهل حاولت يوما حتى محاولة ( كما يفترض بنظرية جدية في العلوم الاجتماعية ) أن تفسر كيف يعمل الأدب ؟ ألم تعمل بالأحرى على استخدام الدراسات الأدبية ، والسينمائية ، والثقافية ، في بناء إيديولوجيا ذات أصداء نظرية هدفها معارضة الرأسمالية ، والميتافيزيقا الغربية ، والعلم ؟ إيديولوجيا الانشقاق الفكري الغربي التي كانت قوية فالة في الستينيات ، لكنها بدأت الآن تخبو وتعتق وتبدي رثاثتها ؟ يقدم هذا الكتاب والكتابان اللذان يليانه مدخلاً إلى هذه الأفكار ونقدا لها في الوقت ذاته . والنقد أمر أساسي بمعنى العودة إلى أسس هذه النظرية التاريخية والمنطقية ، ورفض ما تبديه ما بعد البنيوية من مناهضة لهذه الأسس . وهكذا يشكل هذا الكتاب ، بؤس البنيوية ، مدخلاً نقديا إلى الأسس البنيوية . أما الكتاب الذي يليه فيتناول الماركسية ، ليأتي الكتاب الثالث في الأسس الفرويدية .
↚
وكل من هذه الكتب يضع نصب عينيه الغاية ذاتها وهي أن يفسر النموذج النظري الأساسي المعنى - وهو هنا نموذج اللغة البنيوي - وأن يتناول الطريقة التي طوّر بها هذا النموذج - أو حَرَف ، أو شوّه ، أو رفض ، أو حورب أو حوّل إلى نقيضه - ليصبح جزءا من اللغة التي يستخدمها منلَرو الأدب والثقافة المعاصرون . وأنا أمل من كلّ من يقرأ هذه الكتب الثلاثة جميعها أن يأخذ في حسبانه بعض القضايا الأساسية المتعلقة باللغة ، والمجتمع ، والعقل مما تفترضه مسبقا تلك اللغة الصعبة المستخدمة في النظرية الأدبية والثقافية الحديثة ، والتي غالبا ما تكون مخبوءة فيها . غير أن هذه الكتب لم تكتب بتلك اللغة الصعبة ، ولا تفترض مسبقا أن شيئا من تلك النظرية صائب وصحيح .
ولقد كتبت كل كتاب من هذه الكتب على مستوى يفترض أن يكون مفهومًا لدي الطالب الجامعي أو أي قاري جاد ، ولذلك لم أتردد في تقديم أى خلفية تقنية وفلسفية ضرورية لهذا الغرض ، وإن كان ذلك في الغالب ، بشكل خلاصة أو موجز وبحد أدنى من المصطلحات التقنية الاختصاصية . ومن المفترض بأي قارئ لهذا الكتاب الأول أن يتمكن من الإلمام بالدعاوى الرئيسة التي أطلقها سوسور بشأن اللغة الإنسانية ، وبما يُعتبر ضربا من التوسع المعقول بهذه الدعاوى بحيث تطال الأدب . ولعل الأهم من ذلك هو أن يعرف القاري تلك المزاعم الرئيسة التي لم يطلقها سوسور ، بل وربما كان سينظر إليها بعين السخف ، مع أنها تُنسب إليه اليوم على نطاق واسع وتُستخدم كأساس للنظرية الأدبية . كما آمل أن يسرى ذلك أيضا على المواقف الأساسية لرولان بارت ، وعلى ذلك الجزء بالغ الصغر الذي ناقشته من أعمال دريدا ، وكذلك على كثير من المفكرين مثل رومان جاكوبسون ، وكلود ليفي شتراوس ، وجاك لاكان ممن سأتعرض يوما ما لهم باقتضاب أشد .
فأطروحتى العامة التي أقدمها هي التالية : لقد بدأت البنيوية - والتي أعني بها بصورة أساسية محاولة تطبيق نموذج اللغة البنيوي ، الذي ساد في السنية أوائل القرن العشرين ، على العلوم الإنسانية عموما وعلى الأدب بوجه خاص - لقد بدأت بوصفها استراتيجية بحث عقلاني في أعمال جاكوبسون وآخرين في أواخر العشرينيات . إلا أن هذه الاستراتيجية انطوت على عيب أساسي ، نشأ مما دعوته بـ " البؤس المنطقي في نموذج اللغة الأساسي ، وهذا العيب هو عدم كفاية هذه الاستراتيجية وقصورها في تفسير وقائع اللغة ذاتها ، فما بالك بوقائع الأدب أو المجتمع . ومع ذلك فقد كانت لا تزال استراتيجية علمية عقلانية حين التقطها ليفي شتراوس في الأربعينيات ، لتُجبر في فرنسا الستينيات على سلوك سبيل المواجهة مع ما دعوته فلسفة الذات الفرنسية وهكذا يكون الفرنسيون هم المسؤولون ليس عن إبداع البنيوية ( كما هو شائع في بريطانيا وأمريكا ) ، وإنما عن موتها .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق