كتاب تطبيقات نحوية وبلاغية pdf
تحميل كتاب تطبيقات نحوية وبلاغية pdf
من حسن حظ اللغة العربية أنها ارتبطت بالقرآن الكريم . وهذا الارتباط أتاح لها فرصة طيبة في أن تنمو وتتطور . وتشق طريقها إلى المستقبل . وهي ثابتة الخطى ، رابطة الجأش : لا نحفل بما يعترض طريقها من صخور وأشواك . تصدت لها عواصف اللغة العامية ، ولهجات السرقة : وصيحات الجهلة ، . ودعا ۔ الهدم باسم التطور والتجديد . وخرجت من هذه المعارك في طريقها الطويل منتصرة عزيزة . وهذا الارتباط أيضاً حمل الرعيل الأول من علماء العرب على أن يصونوا هذه اللغة من التحريفات التي تهدم بناءها . والأخطاء التي تحطم كيانها . ومن الحق أن أقول في هذا المقام : إن أول إشارة للعمل من أجل الحفاظ على اللغة وسلامة تراكيبها قدرت من رسول الله صلى عليه وسلم حينما سمع رجلاً قرا فلحن ، فقال : أرشدوا أخاكم ( ۱ ) » . وفي رواية أخرى ساقها ابن جني في الخصائص : وأرشدوا أخا كم فإنه قد ضل ، ) . ا رقام بهذا الإرشاد أبو الأسود الدؤلي حينما سمع قارئا يلحن في آيات من كتاب الله فوضع الأسس الأولى لنشأة النحو العربي المتمثلة في تنقيط المصحف تنقيط إعراب .
وحمل راية الإرشاد من بعده تلاميذه الذين جمعوا اللغة . ونقلوها من أفواه العرب الخلاص : وأقاموا حولها دراسات ضخمة أثرت اللغة . ونمنها . . ومكنتها من أن تسير في طريقها بما تحمل من عناصر الحياة . و بهذه الدراسات الضخمة انتفع سيبويه . فأفاد منها . وألف كتابه الذي يعتبر بحق الكتاب العملاق في تاريخ النحو العربي . أعجز من قبله . وعز على من بعده بما قدم من دراسات حافلة في مجال النحو العربي . وأصبح الكتاب نبراساً بنير الطريق الدراسين والباحثين . وعلى هديه تكونت مدارس النحو وعلى الأسس التي وضعها سيبويه لبناء النحو العربي أقام النحاة بناءهم الشامخ ، وصروحهم الضخمة . ففاضت الكتب النحوية بهذا السيل الذي لا ينقطع من الدراسات والخلافات . والتعليلات والتوجيهات .
وأصبح النحو غاية بعد أن كانت وسيلة ، ورياضة ذهنية بعد أن كان سلوكا يتمثل في سلامة العبارة عند التعبير تحدثا أو كتابة . . على أية حال هو جهده لا يستطيع إنكار فضله على اللغة من حيث هي لغة ، فاللغة العظيمة هي التي تشد أبناءها ليعيشوا في مجالها دا رسين وباحثين . ليقدموا لها من نتاج تفكير هم ومن ثمرة خبراتهم . ومما يملكون من رضيد ثقافي ما يجعلها لغة ثروتها من الدراسة والبحث تتطور يوماً بعد يوم .
↚
وقد عرف لهذا الجهد قدره كثير من المستشرقين أمثال ( يوهان فك ) حيث يقول : ولقد تكفلت القواعد التي وضعها النحاة العرب في جهد لا يعرف الكلل وتضحية جديرة بالإعجاب - بعرض اللغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها من ناحية الأصوات . والصيغ : وتركيب الجمل . ومعاني المفردات على صورة محيطة شاملة حتى بلغت كتب القواعد الأساسية عندهم مستوى من الكمال لا يسمح بزيادة المستزيد ( ۱ ) . وكثرة هذه الدراسات في مجال النحو العربي أتاحت الفرصة للنقاد على مر العصور . ليوجهوا نقدهم اللاذع للنحو والنحاة . وعلى رأس هؤلاء في القديم : ابن مضاء القرطبي ، وفي الحديث : دعاة التطور والتجديد . والحق الذي يقال : إن هذه الدراسات كما قلت عادت بالخير والبركة على لدراسات اللغوية والنحوية لما لها من خطورة على الفكر العربي والإسلامي ، ذلك لأن النحو العربي منذ عصر التدوين والتأليف نمت له السيطرة على العلوم الاسلامية جميعها : فعلماء الفقه والأصول ، والتفسير والحديث ، والفلسفة والتوحيد عالة على الدراسات النحوية واللغوية فلا يؤلف كتاب ، ولا تقام نظرية ، ولا تحرر فكرة ، ولا ينشأ بحث إلا على مدى النحو العربي والتعمق فيه ، يدل على ذلك ما تحدت به ابن قتيبة في كتاب و تأويل مشكل القرآن ، حيث يقول : روللعرب الإعراب الذي جعله الله وشيا لكلامها ، وحلية لنظامها ، وفارقا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين ، والمعنيين المختلفين كالفاعل والمفعول لا يفرق بينها إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما إلا بالإعراب . ولو أن قائلاً قال : هذا قاتل أخي بالتنوين . وقال آخر : هذا قاتل أخي بالإضافة لدل " بالتنوين على أنه لم يقتله : ودل " حذف التنوين على أنه قد قتله ( 1 ) ، وفي موضع آخر يقول : ولو أن قارئاً قرأ ر فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ( ۲ ) ، وترك طريق الإبتداء بـ إن " . وأعمل القول فيها بالنصب على مذهب من ينصب « إن » بالقول كما ينصبها بالظن القلب المعنى من جهته ، وأزالة عن طريقتة ، وجعل النبي عليه السلام محزوناً لقولهم : ( إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، وهذا كفر ممن تعمده ، وحرف من اللحن لا تجوز الصلاة به ، ولا يجوز للمؤمنين أن يتجوزوا فيه.
ومن الطريف في هذا المجال أن أبا عبيدة يقول : سمعت الأصمعي يقول : سمعت الخليل بن أحمد يقول : سمعت أبوب السجستاني يقول : عامة من نزندق بالعراق لقلة علمهم بالعربية ) من هذا العرض أستطيع أن أقول : إن هذا النقد الذي وجه النحو العربي لم يقف على أرض صلبة ، لأن البناء النحوي قد اكتمل ، وفرض نفسه بصيغه وتراكيبه على العقل العربي فليس من السهولة أن يتصدع بناؤه بضربات المعاول الهزيلة ، فقد ضاعت دعوة ابن مضاء ، ولم تجد لها أذناً صاغية ، وأصبحت تاريخاً لا يؤثر في مسيرة النحر نحو التقدم والحياة .
تحميل كتاب تطبيقات نحوية وبلاغية pdf
تعليقات
إرسال تعليق