كتاب الواضح في الصرف pdf
تحميل كتاب الواضح في الصرف pdf
الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على أشرف البريّات ، نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات ، وبعد : فإن من أشرف العلوم علم العربية ؛ لتوقف فهم كثير من العلوم عليه ، ولتحقق فائدته في الدنيا والآخرة ، وإن من أجل علوم العربية علم الصرف ؛ لأهميته للمتكلّم والمتعلم ؛ إذ لا يستغني عنه طالب العلم ؛ لما له من أهمية وفضل ، ويكفي في ف ضله أن ج زءا كبيرا من اللغة يُتوقف عليه ؛ لأن كثيرا من اللغة يُؤخذ بالقياس ، ولا يُتوصل إلى القياس إلا بعلم الصرف ؛ ولذا كان هذا العلم محل عناية من العلماء على مر العصور ، فاعتنوا به حتى يصلوا فيه إلى هدفه ، فإن لكل علم هدفا ، والهدف الأهم لكل علم هو فهمه والعمل به ، وخير ما يُحقق هذا الهدف هو الكتاب ؛ لأنه يُقيّد العلم ويحفظه ؛ ولذا هب كثير من العلماء إلى المشاركة في التأليف في علم الصرف ، سعيا إلى خدمة القرآن الكريم ولغته ، والفوز برضا الله .
ولا يخفى أن الكتاب كي يُحقق هدفه ينبغي أن يكون مناسبا لطالب العلم ؛ لأن كل عصر يختلف عن غيره في خصائصه وطبيعته ، وطالب العلم المبتدئ - كما نعرف - لا يُناسبه من الكتب ما يناسب طالب العلم المتقدّم ، وفي أثناء تدريسي علم الصرف المست مقدار ما يَلْمهُ الْمُعْني به من صعوبة في التعامل مع كثير من كتب هذا الفن وفهمها ؛ لاشتمالها على كثير من العلل والاستطرادات ، ولصعوبة عبار تما وغموض أمثلتها ، أو لعدم اهتمامها بقضايا صرفية هامة ؛ لذا رأيت أن أشارك في التأليف في هذا العلم ؛ سعيًا لتقريب قواعد هذا العلم إلى أفهام طلاب العلم المبتدئين ، وخدمة للقرآن الكريم ولغته ، وقد استعنت بالله ، و سألته التوفيق في أن يُحقق ما أصبو إليه ، وسميته ( الواضح في الصرف ) ؛ واجبا أن يكون موافقا لاسمه .
ولا شك في أن ترتيب أبواب الكتاب وسيلة هامة لتيسير الفهم ؛ لأن الترتيب الجيد يُوصل إلى الهدف والغاية بيسر وسهولة و لذا ابتدأت في هذا الكتاب بدراسة المقامات المصرفية ، ثم دراسة الفعل ؛ لأن علم الصرف يرتكز على التغيير ، والفعل أكثر تغييرا من غيره ، ثم دراسة الاسم ، ثم دراسة أبواب التصريف المشترك بين الفعل والاسم ، وراعيت أن يكون ترتيب الفصول بسبب التغيير في الكلمة ومكانه ، فمثلا جاء النسب قبل التثنية والجمع وقبلهما التصغير ، لأن التغيير في الاسم المصغر يكون في الوسط ، وفي الاسم المنسوب يكون في الآخر ، و تأخرت التثنية والجمع عنهما لأن التغيير فيهما يكون في آخرهما وبأكثر من حرف . أيضا لم أتناول بالدراسة بعض الأبواب التي أرى أنها ليست من أبواب الصرف الخالصة ، والتي لا حاجة ماسية لمطالب العلم المبتدئ ما ، كالإدغام والإمالة والتذكير والتأنيث و غيرها مما هو أقرب إلى علم اللغة أو علم الأصوات منها إلى علم الصرف ، وهو منهج سار عليه بعض العلماء في تأليف كتبهم . وقد اجتهادات في أن يحقق هذا الكتاب ها فه ، فحرصت على أن تكون عبارته سهلة وواضحة ، ومعلوماته منظمة ، وأمثلته دار جة ، وحرصت على تعزيز القواعد بشواها . من القرآن الكريم ، واقتصرت على إيراد القواعد التي لها أمثلة مستعملة دون القواعد التي لها أمثلة افتراضية ، كما ابتعدت عن ذكر الخلافات والتفصيلات الطويلة المملة ، والتعليلات التي لا حاجة لطالب العلم بها .
أسباب نشوء علم الصرف :
لم يكن علم النحو وعلم الصرف معروفين في العصر الجاهلي ولا في أوائل عصر الصحابة لا ، وما ذاك إلا لعدم الحاجة إليهما ؛ لأهم كانوا يتكلمون العربية الفصحى بعللاقة ، وعندما انتشرت الفتوح الإسلامية ، ودخل كثير من الأعاجم في الإسلام واختلطوا مع المسلمين العرب برزت الحاجة لعلم النحو والصرف ) ، وكانت تتمثل فيما يلي :أولا : الحاجة الدينية : فلقد فتح المسلمون العرب بلاد الروم وفارس لنشر الإسلام ، فدخل كثير من الأعاجم فيه ، ورغبوا في تعلم أمور دينهم كي يقيموا شعائر الدين إقامة صحيحة ، كقراءة القرآن وإقامة الصلاة ، ورغب المسلمون العرب تعليمهم أمور دينهم ؛ لأنهم لم يفتحوا بلاد الأعاجم إلا لنشر الإسلام ، فكان لا بدّ من لغة مشتركة يتفاهمون ما ، ولم تكن هذه اللغة إلا اللغة العربية ؛ لأنها لغة الدين ، فاحتاج المسلمون الأعاجم إلى تعلم العربية ، وليس بوسعهم تعلم العربية إلا بعاد وضع قواعد لهما ، فكان لا بد من وضع قواعد اللغة العربية ، وهذه القوانما هي علم النحو والصرف ) .
ثانيا : الحاجة الاجتماعية : فقد خلق الله الإنسان اجتماعيا بطبعه ، ولهذا احتاج الإنسان إلى لغة مشتركة يفهمها المتخاطبان ، وعندما اختلط المسلمون العرب في البلاد التي فتحوها مع الأعاجم احتاجوا إلى لغة مشتركة يقضون بما حاجاتم ، ولم يكن بدّ من أن تكون هذه اللغة هي اللغة العربية ؛ لأنها لغة المنتصر ولغة الإسلام ، ولا سبيل لاتخاذ هذه اللغة وسيلة للتعبير دون وضع قواعد لهما ؛ لتصبح هذه اللغة أساس وحدة الفكر ودعامة الوحدة العقدية معا ، ومن هنا كانت الحاجة الاجتماعية قائمة لظهور علم القواعد اللغة العربية ومما يدل على هذا بروز كثير من الموالي في علوم العربية وتفوقهم فيه ) .
وبعون وتسديد من الله هاأنذا أقدمه للقارئ الكريم بعد أن بذلت فيه جهدا كبيرا ، فما كان فيه من صواب فبفضل من الله وتوفيق منه ، وما كان فيه من سهو أو تقصير فهو عمل بشري لا يَستَم من هذا ، وفي الختام أرجو أن يُحقق هذا الكتاب الهدف المأمول ، وأن يستفيد منه القارئ ، ويكون خير عون للطالب ، ويكون له في نفوس القُرّاء من الرضا والقبول ما يُعَوّضني عن مشاقه ، ولا أنسى في الختام أن أقدّم جزيل الشكر لكل من أعانني على إتمامه ، والحمد لله أولا وآخرا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق