كتاب تلقي السرديات في النقد المغاربي pdf
تحميل كتاب تلقي السرديات في النقد المغاربي pdf
من الرائج اليوم في المجال الثقافي العربي أن ترفع شعارات ينادي أصحاما بنزع نير التقليد والجمود ، ويروجون للانفتاح على الغد بن موسساتية ومنجزا معرفيا وحصيلة قيميّة . غم أن فئة قليلة من مثقفينا تدرك وعورة الطريق الموفية على ذلك وعسر المواءمة بين مقومات المويّة ومقتضيات المراة الإنسانية التي تتطلب منا ألا نقف عند حدود الأخذ والمواكبة ، بل يتعين علينا أن نسهم بدور فاعل في بناء مستقبل الجنس البشري .
وليس من شك في أن عناصر الإجابة على هذه القضايا متعددة وأن مسالك التفكير فيها متنوعة ، وما ذلك إلا لأن الطرق التي تقود إلى تلك الإجابة متشعبة والأسس الإبيستيمولوجيّة التي تنهض عليها بالغة العمق شديدة الخفاء ولعل عمل سليمة لوكام هذا أن يكون لبنة في البناء المعري العربي الذي يؤمن بأن تمثل المفاهيم شرط أساسي للتراكم ، والتراكم شرط أساسي للإضافة ، كما أن معرفة الذات تمر ضرورة بمعرفة الآخر ، لا بإلغائه واتهامه وإيغار الصدور عليه .
لقد اختارت المؤلفة أن تخوض هذا البحر اللي من زاوية محددة ، لا بل إنني أكاد أقول من زاوية حادّة ، هي رصد طرائق تلقي السرديات في النقد المغاربي المعاصر . علما أن هذا الموضوع يحتاج إلى معرفة دقيقة بالمنجز السردي في المحالين الثقافيين : العربي والغربي ، وهي معرفة استطاعت الباحثة طوال هذه الدراسة أن تقيم الدليل على امتلاكها إياها وأن تقنع ها . وإضافة إلى هذا يقتل الموضوع في منطقة مشتركة بين مباحث مختلفة واختصاصات شتى : كالسرديات واللسانيات والسيميائية والمعجمية .
ولقد تمكنت الباحثة بمهارة ولياقة واضحتين من أن تختط لنفسها مسلكا بين هذه الاختصاصات وأن توظف معارفها توظيفا اتسم بالدقة في الطرح والوضوح في العرض والصرامة في النقد والسلاسة في اللغة . وتتحلى سعة اطلاع المولفة في تطرّقها إلى
↚
أعمال باحثين مغاربيّين مهتمين بالشأن السردي ينتمون إلى أجيال مختلفة من قبيل عبد الفتاح كيليطو وعبد الملك مرتاض وحسين الواد وسمير المرزوقي وجميل شاكر وسعيد يقطين والطاهر روايئيّة ومحمد القاضي وحسن بحراوي وعبد الحميد بورايو وسعيد بنكراد والسعيد بوطاجين وعبد المجيد نوسي ومحمد الناصر العجيمي . وقد دأبت خلال عرضها لمؤلّفاتهم على بيان مدى تمثل أصحابها المفاهيم وإجرائهم المصطلحات إضافة إلى توظيفهم الطرائق السردية في تحليل الإبداع العربي قديمه وحديثه .
. لقد استطاعت سليمة لو كام من خلال تحليلها لهذا العدد الجسم من الأعمال التي ازدهرت في العقود الأخيرة في المحال العربي عموما والمغاربي على وجه الخصوص أن تثبت أن الباحثين في تونس والجزائر والمغرب توجد بينهم قواسم مشتركة وخصائص ومميّزات جامعة مما يجوز لنا القول بوجود سمات موحدة للحركة النقدية والفكرية في بلدان المغرب العربي ، وإن كان هذا كله لم يمنع - كما بينت الباحثة - من وجود خصوصيّة عند هذا الباحث أو ذاك أو في هذا البلد أو ذاك . ورغم أنها تناولت بالتحليل أعمالا لأساتذها تارة ولعدد من الأعلام الذين تجاوزت شهر قم بلدانهم تارة أخرى فإنها لم تمنح إلى المحاملة ولم تتخل عن الموضوعيّة . لذلك جاء هذا العمل متزنا ثريا متسما بالاعتدال والصرامة في آن .
إن هذا الكتاب الذي تطلب من صاحبته سنوات من العمل المتصل الجاد يعد إسهاما في حركية الفكر العربي ودعوة إلى التقويم والمراجعة باعتبارهما أساسا لنقد النقد وركيزة لبناء عقلية تؤمن بأن إنتاج المعرفة عملية معقدة لا تحتاج إلى الإصغاء إلى الغير والإفادة منه وحسب ، وإنما تحتاج أيضا إلى النقد الموضوعي وإلى صهر المعارف المختلفة في صرح ثقافي ينهض على هويّة متحركة لا يعول فيها التعلق بالجذور دون الانخراط في العصر .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق