القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب الانزياح من منظور الدراسات الأسلوبية pdf

 وأشرت في هذا المبحث إلى أن مشكلة تعدد المصطلح واختلافه لیست عربية الأصيل بل هي غربية المنشأ . وقد لاح لي أن كثرة المصطلحات - وقد جاوزت الأرہمن - ريما كانت في وجه من وجوهها تعبيرا عن ترسخ مفهوم وخطره مثلما هي تعبير عن تعيينه وعم انضباطه . ثم التفت إلى عقد مقاربة بين كل من مفهوم الاختيار ومفهوم الانزياح على أساس ملبينهما من تقابل وتداخل . ثم شرعت في محاولة تاريخ النظر إلى الأسلوب بما هو انزياح عند الغربيين واستقام لي من خلال ذلك تأصيل الانزياح والخروج بنتيجة مفادها أنه أمر ليس من ابتداع الأسلوبيات الحديثة ابتداء بل هو ضارب في أعماق الفكر النقدي وأما الفصل الثاني فكان قوامه ثلاثة مباحث : تركز أولها على أنواع الانزياح وقد ارتأيت أن تكون نوعين اثنين : الزياج استبدالي وآخر ترکيبي . فأما الاستبدالي فاستأثرت فيه الاستعارة بمعظم الاهتمام ، لأنها أهم مايقوم عليه هذا النوع من الانزياح ، بل لعلها أهم الانزياحات بإطلاق ، ولذلك فقد حظيت عبر مختلف العصور باهتمام الفكر النقدي على تفاوت في عمق الرؤية والتحليل . وأما الانزياح التركيبي فيعتمد على مايقوم بين الكلمات من علاقات من شأنها أن تسهم في تولية الأدبية أو ولا مانع من 

الانزياح ، بل لعلها أهم الانزياحات باطلاق ، ولذلك فقد حظيت عبر مختلف العصور باهتمام الفكر النقدي على تفلوت في عمق الرؤية والتحليل . ولما الانزياح التركيبي فيعتمد على مايقوم بين الكلمات من علاقات من شأنها أن تسهم في توليد الأدبية أو في توليد الشعرية . ولعل التقديم والتأخير هو أجلى مظاهر هذا النوع من الانزياح ولذا فقد استأثر بمعظم الاهتمام . ثم وقف البحث وقفة مطولة عند معيار الانزياح ، وهو مفهوم اصطنعه الأسلوبیون بغية تحديد الانزياحات ولقد أشكل أمر تحديد الانزياح على بعض النقاد وجطه معضلة تعسر على الحل . ولكن البحث سعى إلى حطها عبر اعتماده جملة معايير تضافر فيما بينها على بيان الانزياح . وهكذا فقد عرضت لمعيار اللغة العادية النفعية أو اللغة العلمية وهما مستويان لغويان يخلوان من آثار الفن والجمال . وإنما صلحا أن يكونا معيارا للانزياح على اعتبار أن الأشياء بضدها تتماز . 

ثم عرضت لأثر السياق في تمييز الانزياحات ، وعنيت بالسياق هنا السياق اللغوي في المقام الأول ، ثم وقفت عندما أسماه ريفاتير بالقارئ العمدة . وعرضت عقب ذلك للذوق باعتباره معيارا عاما ليس للناقد عنه غنى . وعرضت في سياق ذلك لثقافة الناقد وما لها من أثر في تشكيل ذوقه وإنمائه . ثم وقفت عند نظرية الإعلام وما أفادت به علماء الأسلوب . ووقفت عند ما يسمى العلاقات الرأسية والعلاقات الأفقية ، وكذا عند مايسمى البنية السطحية والبنية العميقة ومايمكن أن يكون بينهما من بعد ومسافة ، ثم وقفت أخيرا عند معیار بدا لي أضعف المعايير وهو الإحصاء . وخلصت إلى نتيجة رايت فيها تهوين ما رآه البعض في المعيار من صعوبة وإشكال ، ثم التفت من هذا إلى الحديث عن وظيفة الانزياح و ابتدأت المبحث بإثارة مايمكن أن يقال عن وظيفة الفن والأدب . ودلفت من هذا إلى الحديث عن .الوظيفة الرئيسة للانزياح وهي وظيفة تختص بالمتلقي أسدنا فقتضى نك حيئا عن مبلغ اهتمام النقد به في النصف الثاني من هذا القرن . وعرضت النظرية أخرى ترتبط بوظيفة الانزياح وبالمتلقي معا ، وتلك هي نظرية الإعلام . ثم شرعت في الكلام على المفاجاة ، وبينت مكانها عند السرياليين إذ جعلوها مناط الإبداع . وسعيت إلى تأصيل المفاجاة من سياقات معرفية متباينة لأنتهي إلى حديث النقاد عنها . وبعد .. فلعل من نافلة القول أن هذا البحث يدخل تحت مایستی نقد النقد METACRITICISM ، وإذا كان النقد في أساسيه كلاما على الكلام ، وإذا كان الكلام على الكلام عسيرة وشاقا كما أخبرنا بذلك أبو حيان التوحيدي ، فإن نقد النقد كلام على كلام على كلام . و هو من ثم أعصر وأشق . 

وإني إذ أتقدم بهذه الدراسة المقتضبة لأعلم علمأ ليس بالظن أنها جهد متواضع فيه من جوانب النقص والقصور شيئا ليس باليسير . و مرد ذلك إلى انشعابها واشتراك كثير من العلوم فيها - ودون كل علم خرط القتاد - ومن ثم فإن الدارس لابد أن تواجهه مشکلات جمة في مثل هذه الدراسات . لكن الدأب و التنقير لابد أن يفلحا في تذليل شيء من تلك المشكلات . ومن الله تعالى أستمد العون و التوفيق فله الفضل وعليه التوكل والحمد لله رب العالمين .

تحميل الكتاب 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات