القائمة الرئيسية

الصفحات

تحميل كتاب الإعراب والبناء دراسة في نظرية النحو العربي pdf

حميل كتاب الإعراب والبناء دراسة في نظرية النحو العربي pdf
كنت أسير في هذه الطريق التي تتسم بالاستقلال والاتكاء على العقل والمنطق . وكان من حولي ممن لهم صلة باللغة والنحو يسيرون في اتجاهين متعارضين متناقضين هما :
الأول - اتجاة تقليدي رجع بعد كل ما كتبه النحاة القدامى صحيحاً لا ينفذ الباطل اليه من بين يديه ولا من خلفه . واصحاب هذا الاتجاه يستسهلون القبول بكل ما يقع ما بين أيديهم من مصادر هذا التراث الكبير ، فلا يلجأون إلى مساءلة ولا يُشغلون بتمحيص ، ولا يُعنُونَ أنفسهم بنقد . فكل ما يصل إلى أيديهم نهر معقول مقبول . وقد يجد هؤلاء في المسألة الواحدة أربعة آراء أو خمسة أو أكثر ، فلا يكون من عملهم إلا أن يُسجلوا هذه الآراء وينسبوها إلى أصحابها . وكفى الله المؤمنين القتال .
الثاني - اتجاه عن متطرف يريد أن ينعي العربية ويهدم نحوها ، ويستعيض عن ذلك كله بما يتلقفه أصحاب هذا الاتجاه من نظريات لغوية غربية ، يطلع بها علينا هذا أو ذاك من أصحاب تلك النظريات . ويجاهر أصحاب هذا الاتجاه بضرورة الاستغناء عن البحر والتخلي عن قواعده وأصوله ، والاكتفاء بما يتيسر لهم الحصول عليه من خلال الإلمام بما يطلق عليه الغربيون اسم اللغويات ( Linguistics ) ، والذي يقرأ ما يسمونه فقه اللغة في جامعاتنا يجده لا يتعدى ترجمات مضطرية لنصوص انكليزية أو فرنسية كتبها أصحابها في هذه اللغويات التي يصفونها بأنها حديثة . وأول ما نصطدم به في مواجهة تلك النصوص ما يطلق عليه هؤلاء إسم المستويات في دراسة اللغة . والعرب لا نعرف المستويات بل تعرف الموضوعات أو المطالب أو المقاصد أو جوانب الموضوع . غير أن الجامعات العربية لا يطيب لها بال ولا بهدأ لها خاطر إلا إذا أقحمت المستويات في موضوع اللغويات ، وجعلتها في مقدمة فصولها وعلى رأس دروسها . ولا يقف الخطر عند هذا الحد ، بل هو يتجاوزه إلى كل المصطلحات والموضوعات ووجهات النظر . وكما قال الشاعر :
                                          وأزرق الفجر يأتي قبل أبيضه.... وأول الغيث قطر ثم ينهمر

 إن وجه الخطا في ما يراه أصحاب الاتجاه الأولى أنهم يجعلون النحو من العلوم النقلية ، مع أنه من العلوم العقلية ، لأنه يقوم على النقد والمحاكمة ، ولا يقوم على النقل المجرد الذي لا يُسمح للناقل فيه بمحاسبة أو مناقشة . أما وجه الخطا في ما يراه أصحاب الاتجاه الثاني فهو تصميم على هدم النحو والتخلص منه والاستعاضة عنه بما ينقلونه عن الغرب من دراسات لغوية يترجمونها إلى العربية ترجمة ركيكة ، أو يدرسونها بلغتها دراسة سريعة متعجلة .
وأراني في هذا الخضم المتضارب المتلاطم أدعو إلى مذهب نحوي جديد بقوم على الأسس التالية :
1 . الانطلاق من محبة العربية واحترامها والعناية بها ومحاولة رفعها إلى مقامات عالية
2 . دراسةً العربية بفصاحة منقطعة النظير ، إذ إن الدراسة بالعامية أو بلغة ضعيفة ، ستكون قليلة الفائدة .
3 . العناية بدقة المصطلح وثباته ووضوجه ، مع الحرص على توحيده وتحديده .
4 . الابتعاد عن التقدير ما أمكن ، وحصرُ ذلك في مواضع مصلحة تمليها الحاجة ، وتقوم على العقل . 5 . مناقشة الكثير مما يتداوله النحاة من العبارات المكررة والقواعد القلقة والتخريجات الضعيفة .
6 . الاستغناء عن الكثير مما يقوم على الشذوذ والندرة ومخالفة أساليب العربية .
 7.بناء القاعدة على الأكثر والأشيع ، لا على العبارة الواحدة ، ولا على المثل الشارد كما فعل الكوفيون .
8.تعليم النحو من خلال النصوص الشعرية والنثرية الراقية ، لا من خلال الأمثلة التي بضمها مؤلفر هذه الكتب المدرسية مما تبدو عليه الصنعة ويظهر التكلف .


إن كل من ينعم النظر في كتب النحر القديمة والحديثة يجد من الوهم والخطا والمحال ما يفت في عضد أهل اللغة ومحبيها ويملأ نفوسهم حزناً وحيرة . وإلا فكيت يكون حكم التمييز النصب ، ثم نراهم يتحدثون عن تمييز مجرور في مثل : ثلاثة كتب ؟ ويقررون أن حكم المستثنى النصب ؛ ثم نجدهم يتحدثون عن مستثني منصوب ومرفوع ومجرور . وتراهم يقررون أن الحركات تقدر على الألفاظ التي تنتهي بأحد أحرف العلة ( الألف والواو والياء ) ، ثم نجدهم يقدرون هذه الحركات في الألفاظ الصحيحة الأخر ، مثل 




الألفاظ المحكية والأسماء المجرورة بحرف الجر الزائد . وكذلك نراهم يقررون أن بدل الجزء من كل بشترط فيه أن يتصل بضمير يعود على المبدل منه كقولنا : تهشم التمثال رأسُه . ثم نراهم . بشون هذه الحقيقة ويغفلون عنها فيزعمون أن الاسم الواقع بعدة « الا ، في الجملة التامة المنفية هو بدل من المستثنى منه وذلك في نحو قولنا : ما حفر القوم إلا رجل . إذ إن « رجل ، بعض من القوم . ويعربه النحاة بدلاً منه . وينسون أن بدل الجزء من كل أو البعض من كل بحاجة إلى ضمير يعود إلى المبدل منه فأين هذا الضمير ؟ 
هل اعجبك الموضوع :