القائمة الرئيسية

الصفحات

التحاجج طبيعته ومجالاته ووظائفه pdf



التحاجج طبيعته ومجالاته ووظائفه pdf

تنسيق : حمو النقاري
 يجمع هذا الكتاب بين دفتيه أبحاثا علمية عُرضت في أشغال مائدة مستديرة نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس أكدال بتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور بمراكش أيام 24 - 27 فبراير من سنة 2005 ، خُصصت لبحث موضوع التحاجج من حيث طبيعته ومجالاته ووظائفه وضوابطه . يُعَدّ النظر في الظاهرتين الحجاجية والتحاججية نظر في كيفيات ووجوه عرض الحجج ونظمها والاعتراض عليها ومعارضتها ، في أفق إثبات الدعاوى أو إبطالها ، لأجل استجلاب استحسان أو استهجان جمهور مالها ، بغرض استنهاضه لفعل أو نيه عنه . 
إن الفحص النظري لظاهرتي الحجاج والتحاجج ، الحاصلتين في حقل معرفي مخصوص من حقول المعرفة الإنسانية ، فحص عليه أن يُراعي ، في حصول الحجاج والتحاجج ، تأثير العوامل المعنوية والسلوكية فضلاً على تأثير العوامل المعرفية والمنهجية ، ومعلوم أن هذه المراعاة هي التي كانت الأصل في استئناف النظر من منطق الجدل ومنطق الخطابة ومنطق السفسطة والتجديد فيه اللذين أطلقهما . ش بيرلمان وس . طولمين أواخر العقد الخامس من القرن العشرين . لا شك في أن هذا الكتاب ، بما ينطوي عليه من أبحاث رصينة ، مختلفة المشارب و متباينة المرجعيات ، توجد بذور قمينة بإثراء البحث المنطقي في الساحة الثقافية العربية المعاصرة . 

- مفهوم الحجاج

 نظرية الحجاج في اللغة تتعارض مع كثيرة من النظريات والتصورات الحجاجية الكلاسيكية التي تعد الحجاج منتمياً إلى البلاغة الكلاسيكية ( أرسطو ) أو البلاغة الحديثة ( برلمان ، أولبريخت تيتيكا ، ميشال ميير . . ) أو منتمياً إلى المنطق الطبيعي ( جان بليز غريز . . ) إن هذه النظرية التي وضع أسسها اللغوي الفرنسي أزفالد ديكرو ( O . Ducrot ) منذ سنة 1973 نظرية لسانية تهتم بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغات الطبيعية التي يتوفر عليها المتكلم ، وذلك بقصد توجيه خطابه وجهة ما ، تمكنه من تحقيق بعض الأهداف الحجاجية ، ثم إنها تنطلق من الفكرة الشائعة التي مؤداها : « أننا نتكلم عامة بقصد التأثير » . هذه النظرية تريد أن تبين أن اللغة تحمل بصفة ذاتية وجوهرية ( Intrinseque ) وظيفة حجاجية ، وبعبارة أخرى ، هناك مؤشرات عديدة لهذه الوظيفة في بنية الأقوال نفسها . ولأخذ فكرة واضحة عن مفهوم " الحجاج ( Argumentation ) ينبغي مقارنته مفهوم البرهنة ( Demonstration ) أو الاستدلال المنطقي . فالخطاب الطبيعي ليس خطاباً برهانياً بالمعنى الدقيق للكلمة ، فهو لا يقدم براهين وأدلة منطقية ، ولا يقوم على مبادئ الاستنتاج المنطقي ) . فلفظة " الحجاج " لا تعني البرهنة على صدق إثبات ما ، او إظهار الطابع الصحيح ( Valde ) لاستدلال ما من وجهة نظر منطقية . ويمكن التمثيل لكل من البرهنة والحجاج بالمثالين التاليين :
 كل اللغويين علماء .
زيد لغوي 
إذن زيد عالم .
 انخفض ميزان الحرارة إذن سينزل المطر.
 يتعلق الأمر في المثال الأول ببرهنة أو بقياس منطقى ( syllogisme ) ، أما في المثال الثاني ، فإنه لا يعدو أن يكون حجاجاً أو استدلالاً طبيعياً غير برهاني واستنتاج أن زيداً عالم ، في المثال الأول حتمي وضروري لأسباب منطقية ، أما استنتاج نزول المطر في المثال الآخر فهو يقوم على معرفة العالم ، وعلى معنى الشطر الأول من الجملة ، وهو استنتاج احتمالي . لقد انبثقت نظرية الحجاج في اللغة من داخل نظرية الأفعال اللغوية التي وضع أسسها أوستين وسورل ، وقد قام ديكرو بتطوير أفكار وآراء أوستين بالخصوص ، واقترح ، في هذا الإطار ، إضافة فعلين لغويين هما فعل الاقتضاء وفعل الحجاج وما أن نظرية الفعل اللغوي عند اوستين وسورل قد واجهتها صعوبات عديدة ( عدم كفاية التصنيفات المقترحة للأفعال اللغوية مثلا ) ، فقد قام ديكرو بإعادة تعريف مفهوم التكليم أو الانجاز ( Lillocutoire ) ، مع التشبث دائماً بفكرة الطابع العرفي ( conventionnel ) للغة . وهو يعرفه بأنه فعل لغوي موجه إلى إحداث تحويلات ذات طبيعة قانونية ، أي مجموعة من الحقوق والواجبات . ففعل الحجاج يفرض على المخاطب نمطا معيناً من النتائج باعتباره الاتجاه الوحيد الذي يمكن أن يسير فيه الحوار والقيمة الحجاجية لقول ما هي نوع من الإلزام يتعلق بالطريقة التي ينبغي أن يسلكها الخطاب بخصوص تناميه واستمراره.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات