القائمة الرئيسية

الصفحات

البلاغة والشعرية والهيرمينوطيقا pdf





البلاغة والشعرية والهيرمينوطيقا pdf
بول ريكور
ترجمة: مصطفى النحال
 [ألقى الفيلسوف "بول ريكور" هذه الدراسة في شكل محاضرة سنة 1970، وذلك خلال تكريم البروفسور شايم بيرلمان بمعهد الدراسات العليا ببلجيكا].

تنبع صعوبة هذا المحور المراد تناوله، هنا، من نزوع المباحث الثلاثة (البلاغة والشعرية والهيرمينوطيقا) نحو هيمنة وتطاول أحدهما على الآخر قصد تحقيق أهدافه التعميمية الرامية إلى تغطية الميدان كله. فبأي ميدان يتعلق الأمر؟ إنه ميدان الخطاب الممفصل في تشكلات للمعنى أوسع من الجملة. وأرمي من وراء هذا الشرط المقيد إلى موضعة هذه المباحث الثلاثة في مستوى أعلى من مستوى نظرية الخطاب المنحصرة في حدود الجملة. وعليه فإن تحديد الخطاب، بهذه البساطة، ليس هو موضوع بحثي، وإن كان يشكل افتراضه. وأدعو القارئ إلى الإقرار، مع بنفنيست وياكبسون وأوستين وسورل، بأن الوحدة الأولى لدلالة الخطاب ليست هي العلامة في الشكل المعجمي للكلمة، بل هي الجملة، أي الوحدة المركبة التي تربط محمولا ما بموضوع منطقي (أو، حسب مقولات ب.ستراوسن، تلك التي تقرن فعلا un acte للتمييز بواسطة محمول بفعل للتعيين بواسطة موقع الموضوع).
ويمكن التعبير عن هذه اللغة الموظفة داخل هذه الوحدات القاعدية في الصيغة التالية: (شخص يقول شيئا لشخص حول شيء ما). فشخص يقول: تعني أن هناك متكلما ينتج شيئا ما هو التلفظ، أي الفعل الكلامي الذي تخضع قوته الإنجازية لقواعد تكوينية محكمة تجعل منه أحيانا تقريرا، وأحيانا أمرا، وأحيانا وعدا… الخ. و(شيء حول شيء ما): تعني تحديد الملفوظ بصفته ملفوظا، وذلك عن طريق وصل معنى ما بمرجع…(لشخص ما): تعني أن الكلام الذي يوجهه المتكلم إلى المخاطب يجعل من الملفوظ رسالة منقولة. ويهم فلسفة اللغة أن تكشف، داخل هذه الوظائف المتعالقة، عن الوسائط الثلاثة الكبرى التي لا تجعل من اللغة هدفا لذاتها، بل واسطة بين الإنسان والعالم وبين الإنسان والإنسان وبينه وبين ذاته.



إن هذه الأرضية المشتركة للخطاب، بوصفه وحدة دلالية ذات بعد جملي، هي التي تجعل المباحث الثلاثة، التي سنعمل على مقارنة مراميها المتنافسة والمتكاملة، تنفصل عن بعضها البعض. فالخطاب، مع هذه المباحث، يأخذ معناه الخطابي المحض، حيث يتعلق الأمر بعملية تمفصل عبر وحدات دلالية أوسع وأكبر من الجملة. ومن ثم فإن النمذجة التي سنحاول القيام بها لا يمكن اختزالها في النمذجة المقترحة من طرف أوستين وسورل، وذلك لأن نمذجة الأفعال الكلامية، تبعا للقوة الإنجازية للتلفظات، تكمن، في الواقع، في المستوى الجملي للخطاب. فالأمر إذن يتعلق بنمذجة جديدة تنضاف إلى نمذجة الأفعال الكلامية، أي نمذجة للاستعمال الخطابي المحض للخطاب الذي يتعدى مستوى الجملة.

ٍابط التنزيل 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات