نَظَريّةُ التفكيكِ عرض ونقد
نَظَريّةُ التفكيكِ عرض ونقد
بشار بكّور
مقدمة
أوَّلُ مَن فتح عينيَّ على التفكيكية ولفت اهتمامي نحوها هو الدكتور المسيري، رحمه الله تعالى، في كتابه "الحداثةُ وما بعد الحداثة." كنت أقرأ والعجبُ آخذٌ بي كل مأخذ، محيطٌ بي إحاطة السوار بالمعصم. وطفقت أسائل نفسي: هل في الناس مَنْ يرضون ثم يتبنَّوْنَ ثم يَدْعون إلى مثل هذه الأفكار الخطيرة في تفسير النصوص وتأويلها. ومما زاد في عجبي، وأطال استغرابي أن مصطلحاتِ أهل التفكيك وعباراتِهم أشبهُ ما تكون بالطلاسم والأحاجي، وغَمْغَماتِ السحرة والمشعوذين؛ أَقْرَأُ ثم أقرأ ثم أعود فأقرأ، فبالكاد أفهم ما أقرأ. قلتُ: لعلَّ المشكلةَ عائدةٌ إليَّ لا إلى هذه المصطلحات؛ لكني وجدتُ كثيرينَ من الكتّاب والمؤلفين لاقُوا الذي
لاقيتُ، وصرحوا بالذي صرَّحْتُ. وربَّ سائلٍ يسأل: أين مَكْمَنُ الخطرِ الداهم في التفكيكية، إنْ هي إلا مذهبٌ من مذاهبَ متنوعةٍ في قراءة النص؟ أقول: إنَّ قواعدَ التفكيكية ومبادئها لو اقتصر تطبيقُها على قراءة وتفكيك النصوص الفلسفية والأدبية، لهان الأمرُ، فهي- مهما علت أو نزلت-تبقى نصوصاً سطَّرَتها أيدي البشر، وصاغتها عقولهم، وهي عرضةٌ للأخذ والرد، والقَبول والرفض. أما أنْ تتسلط هذه القواعدُ–وبمعونة أناس من بني جلدتنا، لسانُهم لساننا، ودينهم ديننا- على القرآن الكريم، أقدسِ الأقداس، وأعظمِ حقائق الوجود، والحبل الواصل بيننا وبين الخالق جل وعلا، فلا ثم لا ثم لا، ثلاث مرات لا واحدة. فواجب علينا أن نبيِّنَ حقيقةَ أمرها، و فساد رأيها، وتهجُّمَها على الثوابتِ من غير هدىً ولا بصيرة.
رابط الملف :
نَظَريّةُ التفكيكِ عرض ونقد
تعليقات
إرسال تعليق