القائمة الرئيسية

الصفحات

آليات تحليل الخطاب الأدبي عند بيير بورديو



آليات تحليل الخطاب الأدبي عند بيير  بورديو

آليات تحليل الخطاب الأدبي عند بيير  بورديو

يوسف الإدريسي
حظي الحقل الأدبي عند بيير بورديو بوقفة خاصة وتأمل عميق كما هو شأن السياسة والاقتصاد والأسرة والصِّحافة والرياضة وغيرها من الحقول الاجتماعية التي تكون العالم الاجتماعي ؛ ففضلا عن بعض الفصول المستقلة والإشارات المتناثرة في بعض كتبه مثل كتاب : حب الفن، وكتاب : أسباب عملية-بصدد نظرية الممارسة، وكتاب : العقلانية العملية- حول  الأسباب العملية ونظريتها، خصه بكتاب ضخم وهام حاول في ثناياه –كما يشي بذلك عنوانه– وضع : قواعد الفن- تكون الحقل الأدبي وبنيته.    
ولم يكن انفتاح بورديو على مجال الأدب وليد ترف فكري أو نتاج تطفل مجاني، فكتبه التي سبق الإيماء إليها تنم بجلاء عن إلمامه الواسع بأكبر النظريات النقدية، واستيعابه لمناهجها التحليلية وتمثله لخلفياتها الفكرية والأدلوجية، الصريحة والمضمرة، ويستشف منها أيضا أنه كان شغوفا بقراءة النصوص الأدبية، والتردد على المعارض والمسارح لمتابعة الأعمال الفنية المتميزة. ويحيل هذا الأمر على إحدى أبرز السمات التي تميز بورديو؛ فقد كان له اطلاع موسوعي ودراية عميقة  بشتى الحقول الاجتماعية، وكانت له قدرة خاصة على بسط القول وتعميق النظر فيها.
وسواء بالنسبة إلى حقل الأدب أم بقية الحقول الأخرى، كان بورديو يروم من دراساته وتحليلاته إبراز البنى الخفية التي تخص مختلف الحقول الاجتماعية، وتحديد الآليات التي تنزع إلى ضمان إعادة إنتاج تلك البنى أو تحويلها[1].
ذلك  أن الأعمال الأدبية ليست في منظور علم الاجتماع الثقافي ظواهر اجتماعية فريدة وخارقة في إدراك العالم وتمثله، ولا تتطلب مقاربتها –بدعوى تعاليها واستقلالها الذاتي- تخصيصها بنوع متميز من القراءة، وإنما هي نتاجات عادية لا تكتسي –مقارنة بالنتاجات الاجتماعية الأخرى- أي شرف أو فضل، إذ بالرغم من الاختلافين النوعي والوظيفي بين الأدب والسياسة والاقتصاد والإعلام وغيرها من الحقول الاجتماعية، إلا أنها تحكمها كلها بنية من العلاقات، وتنطوي على كل السمات المميزة لسيـرورة حقولها ( علاقات القوة، ورأس المال، واستراتيجيات، ومصالح)[2].
وبالنظر إلى تعدد حقول اشتغال بورديو وتنوعها، فقد صاغ جهازا مفهوميا لدراسة كل الظواهر والنتاجات الاجتماعية باستطاعته أن يحدد –على نحو دقيق وعميق- ماهيتها ويكشف قوانينها وميكانيزماتها الجوهرية، ومن أبرز خصائص هذه المفاهيم في النسق النظري والتحليلي لبورديو كونها لا تشتغل بمعزل عن بعضها البعض، إذ إنها متداخلة ومتكاملة، وكل واحد منها يحيل على الآخر ويستدعيه. وتتحدد تلك المفاهيم في : الحقل le champ. والسَّمْت Habitus  والسلطة الرمزية Pouvoir symbolique والرأسمال  Capitalوالتميز distiction.
رابط البحث
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات