كتاب فن الترقيم في العربية أصوله وعلاماته pdf
تحميل كتاب فن الترقيم في العربية أصوله وعلاماته pdf
يكاد الدارسون العرب وغيرهم يجمعون على أن العرب لم يعرفوا علامات الترقيم في كتاباتهم المختلفة ، وأن تلك العلامات الأوروبية قد فرضت سلطانها على الكتبة وغيرهم من المعاصرين ، لتحقيق أمن اللبس بين التراكيب اللغوية العربية المختلفة ، على الرغم من توافر بعض العلامات التي تدور في فلك الوقف والابتداء . وعليه فإن الكتابة العربية . على وفق هذا الجهل ـ لا بد من أن يشيع فيها الغموض واللبس في القراءة والتوصل إلى المعنى الصحيح .
ولعل النظرة السريعة في كثير من تأليف فنّ الإملاء التي افردت في أثنائها وحناياها أمكنة لهذه المسألة تعرّرُ ما نذهب إليه . ولعل ما يشدني إلى الكتابة في هذه المسألة أن تلك المظان الحديثة التي أفردت لها في أثنائها أمكن يتخذ اللاحق منها السابق عمدته فيها ، إذ تبدو فيه التراكيب اللغوية والأمثلة نفسها ، متناسياً الزيادة على ما فيه ، لا سيما تلك العلامات أو الرموز الشائعة في تأليف الدراسات اللغوية الحديثة التي لا بد منها ليتعرفها من يريدها ، مكتفياً بالنقل والتقليد . ولعل كتاب أحمد زكي باشا الترقيم وعلاماته في اللغة العربية ) ، يُعد أول مصنف في العربية ، جمع في أثنائه وحناياه ما يدور في فلك هذه المسألة قديماً وحديثاً ، إذ انخدّه اللاحقون عمدتهم فيها . ويتراءى لي أن القدماء من الكتبة والعلماء لم يتناسوا هذه المسألة ، ولم يغفلوها ، كما لم يتناسوا غيرها ممّا يُعَد لا بد منه في الكتابة العربية ، لتستوي على سوقها ، وتؤتي أكلها ، من حيث توافر عناصر الجمال فيها ، وتحقيق أمن اللبس ، كالنقطين الإعرابي والإعجامي ، والأرقام العربية ، وغيرها . وإنني لاذهب بلا تردد إلى أنهم قد توصلوا إلى ابتكار رموز أو علامات تتكفل
بتوضيح المعنى وتبينه ، وتيسير القراءة وتقريبها إلى الطلبة والمريدين وغيرهم ، وبذلك يكونون قد أسهموا في هذه العلامات كغيرهم ، إن لم نذهب إلى أنهم قد سبقوا الأوروبيين في ابتكارها والتوصل إليها وإشاعتها في الكتابات المختلفة ، على الرغم من أن بعضها ليس مجمعاً عليه . ولست أتناسى أن أول من اهتدى إلى وضع بعض العلامات التوضيحية « أرسطوفان ، من علماء النحو من روم القسطنطينية في القرن الثاني قبل الميلاد ) . وبعد ، فلقد رأيت أن يكون هذا البحث في فصلين :
الفصل الأول : علامات الترقيم وأصولها العربية .
↚
الفصل الثاني : علامات الترقيم التي تشيع في كتاباتنا الحديثة ، وتلك التي تناستها مشان الإملاء الحديثة المختلفة . والله أسأل أن يشذ هذا البحث بما فيه من مسائل منشورة هنا وهناك ثغرة في مكتبتنا لَمّا تَذ ، وأن يسهم كما أنهم غيره في إكساب الكتابة العربيّة عناصر الجمال الحضارية ، زيادة على تحقيق أمن اللبس بين تراكيبها ، وتيسير قراءتها وتقريبها .
الفصل الأول
علامات الترقيم وأصولها العربية
يكاد الدارسون المحدثون يجمعون على أن أجدادنا القدماء كتباً وعلماء ويُشاخاً لم يعرفوا هذه العلامات ، ولم يتنبهوا إلى أثرها البين في تحقيق أمن اللبس بين التراكيب اللغوية المختلفة ، وتوضيح معانيها وتبيينها ، وتقريب قراءتها وتيسيرها ، إذ لم يفردوا لها امكنة في أثناء تأليفهم النحويّة أو تلك التي تدور في فلك الخط من حيث منشؤه ، وتجويده ، وغيرهما . ويذهب بعض هؤلاء إلى أن العربية ليست بحاجة إلى مثل هذه العلامات ، إذ بعد استعمالها في الكتابات العربية الحديثة من باب التزيين والتزوير ، ويتخذ عمدته في ذلك أن العربية لغة غربة ، فليست بحاجة إلى ما يوضح معاني تراكيبها ، أو يحقق أمن اللبس فيها ، لأن الحركات الإعرابية دوال على المعاني ، وأن أجدادنا القدماء تناسوها لعدم أهميتها .
ولست أنكر أنّ من هؤلاء الدارسين المحدثين من ذكر صراحة أو إيماء إلى أن هنالك أصلاً لبعض العلامات . ولست أتفق مع مَن أنكر احتياج الكتابات العربية المختلفة إلى مثل هذه العلامات ؛ لأن الحركات الإعرابية تتكفل بتوضيح المعاني وتحقيق أمن لبسها في تراكيب العربية المختلفة ؛ الان هذه الحركات لا تحقق أمن اللبس في كثير من التراكيب ، لأنّ المعاني تتراءى لنا على الرغم من عدم ضبط أواخر الكلمات أو ضبط بعضها خطاً ، كما في قول العرب : خرق الثوب المسمار ، وكسر الزجاج الحجر ، وهي مسألة وفي الحديث فيها في موضع آخر ، ولعل أمن اللبس يتحق بتضام قرائن متعددة لفظية وغيرها .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق