كتاب في الأدب المغربي المعاصر pdf
تحميل كتاب في الأدب المغربي المعاصر pdf
شاءت الحياة أن نقيم في المملكة المغربية فترة الدراسة والعمل ، وكان من الطبيعي أن تعايش ، ولا نقول : أن نلتقي نحن وأجيال من المثقفين والأدباء ، واتضح لنا أن المثقفين في المغرب يعرفون عن الحياة الفكرية والأدبية في المشرق أكثر مما يعرف المشارقة عن الأدب والفكر في هذا الجزء من الوطن العربي الكبير . وصحت عزيمتنا تبعاً لذلك أن نقوم بجهد متواضع في تعريف المشرق العربي بالأدب المغربي المعاصر . واتفقنا منذ بدأ تفكيرنا في هذا المشروع على أن نحدد البيئة المدروسة بالمغرب الأقصى ، أو المملكة المغربية التي تقيم فيها ، والتي يربطنا عملنا بجامعاتها بأجيال الأدباء والنقاد والدارسين . واقتضت طبيعة الموضوع تحديد المنهج ، ولن نتوصل بالخطة التقليدية التي تكتني بالمسار التاريخي أو التي يستوعب نشاطها التحليل الفني على أسس جالية أو أيديولوجية فحسب ، وإنما اتخذنا المنهج الحديث الذي ظهرت بوادره في بعض البيئات الأدبية والفكرية المغربية ، وهو المنهج المتكامل الذي يزاوج بين العرض والمعاصرة . وإذا كان لنا الحق في توضيح هذا المنهج فإننا نقول : إنه يرتكز أو يصدر عن دعائم ثلاث :
الأولى - للمعايشة الظواهر والشخصيات : وهي تقتضى العناية الكاملة بالحياة الأدبية المعاصرة ، وكان المنهج الأكاديمي القديم ينفر من مواجهة هذه المرحلة ، ويكاد يرفضها ، لأنها في تصوره لمّا تستكمل جميع . معالم الحياة التي تجعلها جديرة بالدراسة الموضوعية ، بيد أن كثيراً من المنظات والجامعات تخلت عن هذا التفكير ، وبدأت تحتفل بالأحداث الجارية والشخصيات الحية والظواهر الأدبية والفنية والعلمية المعاصرة ، وفرضت هذه الدعامة على الدارسين أن يحتفلوا بالتوثيق المي ، وأن يأخذوا بمناهج الدراسات النفسية والاجتماعية ، وأن يُعدوا منذ البداية استبيانا يقدم إلى الشخصيات التي تدخل في مجال الدراسة . والغرض منه الوقوف على تصورات مذه الشخصيات وآرائها وأمزجتها الذاتية إلى جانب التعرف على تفاصيل حياتها ومواقفها والمؤثرات التي يمكن أن تكون قد أثرت في تخصيصها أو مذهبها الفكري أو الأدبي .
الثانية - متابعة المسار التاريخي : ولا تناقض هذه الدعامة سابقتها ، لأن الحياة ليست جيلاً واحداً ولا مسطحاً بشريا أفقيا أو رأسيا ، ولكنها عبارة عن أجيال متواصلة وبيئات ثقافية وحضارية متداخلة تداعت بينها الحواجز ، فكان من الضروري أن نفتش عن نقطة الابتداء في هذا المسار التاريخي ، حتى لا يفلت الخيط من أيدينا . وانتهى الأمر بنا إلى أن نتفق مع المؤرخين المغاربة المحدثين على مسايرة الشخصية المغربية الحديثة في هذا القطر مذ بدأت تظهر إلى الآن . ومهما كان من أمر الخلاف حول نقطة الابتداء هذه فإن الأكثرين يبدءون باللحظة أو اللحظات التي برزت فيها بوضوح المقاومة الوطنية من الاستعمار الغربي ، وعلى هذا الأساس يبدأ المسار التاريخي بالمرحلة التي اصطلح على تسميتها بمرحلة الحماية وما سبقها بقليل . ولسنا نشك من ناحيتنا في أن الشخصية المغربية عريقة ، وأنها تبدو لدارسي البيئات الثقافية بالمفهوم الأنثروبولوجي .
↚
ولكن موضوع الأدب المغربي المعاصر هو الذي يفرض على الباحثين الأخذ بهذا المسار التاريخي الذي سيتضح منه ظهور الأجيال المتلاحقة ، وامتياز كل جيل بمقومات وخصائص .
الثالثة- الأجناس الأدبية : وهذه الدعامة أكثر فائدة في التصنيف من الدعامتين السابقتين . وعلى الرغم من أن التخصص في جنس أدبي بعينه ليس ولن يكون التزاماً تعتصم به الشخصية الأدبية ، فإن الغالب هو :
أولاً : غلبة جنس أو أكثر على جيل من الأجيال .
ثانياً : تخصيص بعض الشخصيات في أحد الأجناس الأدبية ، لأنها تساير مزاجه من ناحية ، وتطوع التعبير الفني لوظيفة الأدب عنده من ناحية أخرى . . وبديهي أن تنقسم الأجناس الأدبية ولو بصورة غير دقيقة على أساس الشعر والنثر الفني ، ثم تنقسم على أساس الاتصال المباشر ، أو غير المباشر بجماهير المتلقين والمتذوقين كالمسرحية والرواية والقصة القصيرة .
ولقد كان المفروض استكمالاً للتعريف بالأدب المغربي المعاصر ألا نغفل الملحون والشعي ؛ لأن التراث الأدبي في واقع أمره لا يستوعب الفصيح وحده ، ولأن الأدب المتوسل باللهجات الأخرى ترق بعض آثاره إلى المستوى الذي يجعله جديراً بالدرس ، ولأن بعض الشخصيات التي نبغت في الزجل وما إليه لها من الشهرة ما يكافئ الأدباء الآخرين ، ولكن هذا الجانب من الأدب المغربي يحتاج إلى معرفة أوسع وأعمق بالنصوص في إطار بيئاتها الاجتماعية المختلفة ، ولذلك اكتفينا بالشعر والرواية والقصة من هذه الأجناس الأدبية . | والمنهج التكاملي تطلب منا أن نمزج بين هذه الدعامات الثلاث ، وغن نذكرها هنا للتوضيح فحسب ، وذلك لأننا اعتمدنا عليها مجتمعة في مرحلة الإعداد والدرس . ولما كانت دراستنا تستهدف تعريف المشرق العربي بالأدب المغرب المعاصر فقد مهدنا لها بتحديد مركز للعرض التاريخي السياسي .
ويواجه القارئ بعد ذلك الأجناس الأدبية على الدعامات الثلاث ، لكي يعايش الشخصيات والظواهر كما عايشناها . وهذا الجهد المتواضع الذي قمنا به ليس إلا مجرد مدخل يتطلب المتابعة والتوسع والتخصص ، . وأملنا أن يتحقق ذلك في أقرب فرصة . ومن الواضح أننا آثرنا بالعرض والدرس الأدب المغربي المعاصر الذي يتوسل باللسان العربي . ويذلك نكون قد تركنا الأدب التوسل باللسان الفرنسي . ولسنا هنا في مجال المناظرة حول مغربية هذا الأدب أو عدم مغربيته ، فالقول الفصل في ذلك هو أن هذا الأدب إنما صدر عن أدباء مغاربة ، كما أنه في بعض أشكاله ومضامينه لا يتجاوز الأصالة المغربية . ولغيرنا من المتخصصين الحق في دراسة مثل هذا الأدب وإصدار الحكم الصحيح عليه . ومها فصّلنا القول حول ظاهرة أو شخصية أو جيل فإننا لم نستطع ، ولن نستطيع أن نخرج عن النظرة التي تتسم بالشمولية مسايرة منا للمنهج التكامل الذي صدرنا عنه في هذه الدراسة إلى جانب الحيدة الموضوعية التي التزمناها ما وسعنا الجهد .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق