كتاب النظرية الأدبية المعاصرة pdf
تحميل كتاب النظرية الأدبية المعاصرة pdf
لم يكن لدي القراء العاديين للأدب ، بل نقاده المحترفين ، إلى عهد قريب أي مبرر يدفعهم إلى الانشغال بتطورات النظرية الأدبية ، فقد كانت النظرية تبدو مجالا تخصصيا أثيريا ، لا يشغل سوى قلة من الدارسين في أقسام الدراسات الأدبية ، وكانت هذه القلة - في واقع الأمر - تتألف من فلاسفة يدعون أنهم نقاد للأدب ، وكانت المناقشات الأدبية تتجه إلى القارئ العام ، سواء اتخنت شكل عروض الكتب في الصحافة أو المجالات الفنية التي تقدمها أجهزة الإذاعة والتليفزيون . وافترض أغلب النقاد ما افترضه الدكتور جونسون من أن الأدب العظيم كان عالميا دائما ، يعبر عن حقائق عامة في الحياة الإنسانية . ومن ثم ، فإن القراء لا يحتاجون إلى معرفة مخصوصة أو لغة نقدية متميزة . وظل النقاد يتحدثون حديثا عاما مريحا عن تجربة الكاتب الشخصية ، والخلفية الاجتماعية التاريخية للعمل الأدبي ، وعن الأهمية الإنسانية للأدب العظيم ، وعبقرية " الخيال والجمال الشاعرى فيه . بكلمات أخرى ، كان النقد يتحدث عن الأدب دون أن يعكر صفو الصورة التي لدينا عن العالم ، أو الصورة التي لدينا عن أنفسنا بوصفنا قراء ، ولكن ذلك كله بدأ في التغير منذ أواخر الستينيات .
فخلال السنوات الخمس عشرة الماضية تقريبا انشغل طلاب الأب بما بدا أنه سلسلة من التحديات المستمرة لإجماع الراي العام . ومما زاد الأمر سوءاً أن الضجة الغريبة التي صحبت هذه التحديات كان أغلبها وافدا من الخارج ، ولنا ـ نحن الإنجليز - خبرة خاصة في الاستخفاف بالمنتجات الفكرية الثقيلة التي يصدرها إلينا غيرنا من أقطار القارة الأوروبية ، فنحن عادة نشكو من عسر فهم المنظرين الألمان ، أو نشكو من العقلانية المتحكمة لاقرانهم الفرنسيين ، وذلك بطريقة دعم تعصبنا الثقافي وتضع الغزاة موضع الدفاع عن النفس . وقد احتلت " البنيوية " العناوين الرئيسية للأخبار ، عندما رفضت جامعة كمبردج عام ۱۹۸۰ تعيين كولين ماك - في وظيفة ثابتة في سلك الهيئةالتدريسية ونبهت احتياجات البنيويين ومن والاهم من كتاب البحوث الأدبية في كمبردج إلى وجود دخيل تسلل إلى مخدع الدكتور ف . ر . ليفز في كليته الأم Alma Mater . ونشر الملحق الأدبي بصحيفة التيمز في حينه عددا خاصا عن الفضيحة وخلفيتها الثقافية .
ولابد أن القراء العاديين قد ازدادوا حيرة حول " البنيوية بأكثر مما كانوا عليه قبل أن تتيح حادثة ماك - كيب الفرصة للمنظرين ليبسطوا آراءهم على الجمهور . ولم تؤد الأراء التي بسطت إلا إلى تأكيد الأهواء المتأصلة ، فقيل بوجود مسحة ماركسية في بنيوية ماك - كيب ، وقيل إن مدخله البنيوي ليس سوى نقد للبنيوية من منظور ما بعد البنيوية ، وين التأثير الغالب على عمله مصدره بنيوية التحليل النفسي التي رادها الفيلسوف الفرنسي جاك لاكان Jacques Lacan .
↚
ولقد قررت النهوض بعباء المهمة الثقيلة لكتابة بليل القارئ في هذا الموضوع ؛ لأني أومن أساسا - أن الأسئلة التي طرحتها النظرية الأدبية الحديثة مهمة بالقدر الذي يبرر الجهد في توضيحها ، فالعديد من القراء قد أخذ يشعر - الآن - أن ما ألفه من رفض النظرية من منطلق الازدراء لم يعد مقنعا ، وأخذ يرغب في أن يتعرف على وجه الدقة هذا الذي يطلب منه رفضه ، والمؤكد أن أية محاولة لتقديم خلاصة موجزة للمفاهيم المعقدة الشائكة لأية نظرية سوف تفقد النظرية نفسها الكثير من قوتها وحيويتها ، وتتركها فريسة أضف لأنياب الشكاكين ، ولكني افترضت أن رغبة القارئ في تعرف الموضوع واهتمامه به ستجعله مستعدا لأن يدفع مقابلا عابرا ، على سبيل التمهيد ، لتذوق أعمق وأقوي للنظريات الأصلية . ولابد لي من الاعتراف بأني وقعت في بعض التبسيط البالغ من أجل أن أقول الكثير من الأفكار في القليل من الصفحات وآمل أن لايضل القارئ طريقه في الفهم بسبب الإيجاز الذي لم يكن منه مفر أو بسبب التعميمات الشاملة . ولقد ألحقت بكل فصل قائمة إضافية متدرجة للقراءة ، يتمكن معها القارئ من متابعة وجهات النظر المختلفة للموضوع بمستويات مختلفة من الصعوبة .
ولكن لماذا نؤرق أنفسنا بالنظرية الأدبية ؟ ألا يمكن ببساطة أن ننتظر إلى أن تهدأ الضجة القائمة ؟ إن الدلائل تشير إلى أن التحولات نحو الاهتمام بالنظرية قد أتت أكلها ، وستظل باقية لا تمس في المستقبل المنظور ؛ فقد صدرت مجلات علمية جديدة ووضعت
مقررات دراسية جديدة ، وعقدت مؤتمرات عديدة تخصصت في مناقشة القضايا النظرية ولا ينبغي لنا أن ندهش إذا انعكس هذا الوعي النقدي الجديد على الجيل الجديد من مدرسي الأدب ، أما كيف يؤثر ذلك كله في تجربتنا وفهمنا القراءة والكتابة على السواء ، فهذا ما يتضح إذا لاحظنا :
أولا ـ أن التركيز على النظرية يتجه إلى تقويض مفهوم القراءة بوصفها نشاطاً " برينا " ، فنحن لا نعود قادرين على التقبل الساذج لواقعية الرواية أو أصدق القصيدة ، إذا طرحنا على أنفسنا أسئلة تتعلق بتركيب المعنى في القصة أو حضور الإيديولوجيا في الشعر ، وقد يتعلق بعض القراء باوهامهم وينتحبون على ضياع البراءة .
ولكن هؤلاء القراء لا يستطيعون ـ إذا كانوا جادين حقا - تجاهل القضايا العميقة التي طرحها منظور الأدب البارزين في السنوات الأخيرة .
ثانيا : إن الطرائق الجديدة في النظر إلى الأدب يمكن أن تضفي حيوية جديدة على علاقتنا بالنصوص الأدبية ، بدلا من أن يكون لها تأثير على قراءتنا لها .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق