من هنا أحس بعض المتأملين لواقع الدرس الأدبي حاجة ملحة إلى حل تنشط به دراسة النص من عقالها ، وامتازت من صخب الزحام في السوق الأنبية أصوات أصيلة تدعو إلى الأخذ بأسباب الدرس العلمي على بصيرة ، وتهيب بارباب هذه الصناعة أن بتسعوا لغة العصر ، وأن يصلوا أمر أخر هذه اللغة الشريفة بلله ، فيضعوا ظاهرة النص الأدبي في حاق موضعها من ظاهرات النشاط العقلي عند الإنسان . ا - ۷ - ، بيد أننا وجدنا بعض من ينسبون إلى التحديث ينطلق ، من أسف ، إلى وصف الجنة الموعودة التي تنتظر المتمردين على النزعات التقليدية في دراسة الأدب ، والمتشبثين بأذيال البنيوية والأسلوبية والتفكيكية ، دون أن يزج بنفسه في خضم دراسة النص العربى صابرا محتسباً . وهكذا تحتشد في كتاباته أسماء أعلام الفرنجة ومذاهبهم في زحام لونه زحام الأعراس والموالد ، أما النص العربي فيتوارى عنده بالحجاب .
ثم إنه لا يتنع بذلك حتى يصوغه في نعمة من الزمن الإستعلاء ، يقول بها القرانه : انظروا كيف أحسن ما لا تحسنون ، وهيهات لما توعدون ولا نشك في أن هذا المسلك هو أقرب طريق إلى نوع الشهرة وتفشي الصيت بأقل التكاليف وأيسر المئوية .
غير أن دارسا يقنع من تحديث دراسة الأدب بنصيب أم الكيس في الشاهد النحوي الشهير هو دارس يفتقد شجاعة مواجهة النص ولربما كان في ظنتنا لا يقل خطراً على الدرس الأدبي من الواقف عند رسوم القديم ، أو التسقط الفتات المواند ، ذلك أنه لم يضف إلى هذا الدرس من الجديد ما بعد به مفارقاً للقديم ولأنه لا يختلف عن الثاني إلا في نوع ما يساقط من فتات ، ولأن أكثر ما يكتبه إنما يسقط أخر الأمر ما بين عجمة العقل وعجمة النقل ، ومنه يُرض بصنيعه المتطلع للتحديث من شباب الباحثين على إراقة السقاء دون أن يبلغ بهم منابع الري ، ويورثهم سخطاً على ما في أيديهم ، وبرها به دون أن يُبدلهم ما هو أوفر عطاء وأمس رحماً .
تعليقات
إرسال تعليق