من المهم أن أشير هنا إلى أن نقد النقد الأدبي يرتبط بقوة مسألة المنهج ، لتكون موضوعته من جهتين رئيستين ، فهو من جهة بحاجة إلى رؤية منهجية وأصول منهجية مركبة تضبط البحث والكتابة ، التي ينتجها البحث في نقد النقد الأدبي ، وهو من جهة ثانية مسؤول في أصل وجوده عن متابعة المنهج النقدي الذي وظفه النقد ، الذي أصبح موضوعا لنقد النقد . وهذا بطبيعة الحال يستدعي النظر في المنهج الذي حكم نقد النقد ، مضافا إليه النظر في فحص درجة اهتمامه بنقد المنهج بكل مستوياته وأشكاله ، من منهج نقدي ومن أصول منهجية عامة يمكن أن يكون النقد قد استعان بها لذلك فالمقاربة البحثية لمسألة المنهج في مجال نقد النقد الأدبي تبدو وكأنها سلسلة اهتمامات منهجية ، ينبني بعضها على بعض .
ومثل هذا الاهتمام المتسلسل بالمنهج ، قد لا يتوافر في ممارسة نقدية أخرى كما يتوافر بهذه القوة في ممارسة نقد النقد الأدبي والبحث فيه لأن الاهتمام المنهجي والحاجة المنهجية في نقد الأدب الإنشائي قد لا تتجاوز حاجة الناقد إلى منهج التحليل النص الإبداعي ، فضلا عن بعض الأصول المنهجية العامة التي قد يستعين بها الناقد في نقده المكتوب في حين هذه الحاجة متسلسلة ومتشعبة في نقد النقد الأدبي ، لذا سيتلمس قارئ هذا الكتاب مقدارا ليس قليلا من الاهتمام المنهجي ، من خلال الإشارة إليه وتشخيص المنطلقات المنهجية المتخذة وإبراز أهمية حضورها وطبيعة عملها . ليكون هذا التشخيص والتأكيد على الرؤية المنهجية والإجراءات أمرا مقصودا بذاته في هذا الكتاب لأننا نؤمن بأن البعد المنهجي يمثل تحديا كبيرا للنقد ، وأن الحاجة دائمة Y التحديد منهجيات ضابطة للنقد والنقد النقد ولطبيعة البحث فيهما . وقد قطع ( ( علم المنهج ) ) المعني بهذا ؛ شوطا طويلا في درس المناهج لينتج المنهجيات المناسبة ، سواء من خلال التأمل النظري في المنهج ، أو من خلال الممارسة النقدية المستندة إلى منهج ، وما تفرزه تلك الممارسة من تصورات خاصة عن ذلك المنهج ، کالتصحيح أو الاختزال أو الإضافة ، أو المزاوجة مع مناهج أخرى . الخ
تعليقات
إرسال تعليق