كتاب علم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي pdf
مستوى الأسس المعرفية في الموضوع و المنهج ، وهذا لا يتم الا بعودة تقويمية حضارية الى الفكر العربي بشكل عام ، والفكر اللغوي بشكل خاص ، وتتم هذه العودة عبر تتبع المسار التطوري للدرمل اللغوي عند العرب الأقدمين والبحث عن الأسس المعرفية و الفلسفية التي انبنى عليها التراث الفكري العربي ، وذلك بربطه بالعلوم الإنسانية المختلفة ، فنحفظ أصالة تراثنا المعرفي ونقف على المنهج الفكري الذي كان يشرف على تأطير الأبحاث والدراسات في هذا التراث ، وبذلك يتحقق مشروع النظرية اللسانية العربية المعاصرة ، ويظهر منهجها في مجال العطاء الفكري الإنساني ، وبالتالي تكون شرعية النشاة على المستوى المعرفي .
هذا المشروع اللساني العربي لا يستقيم له أمر إلا إذا أخذنا بما حققته النظريات اللسانية الغربية ، واستوعبنا مادتها استيعاباً واعيا ، وحاولنا تكييف هذه النظريات م ع خصوصيات اللسان العربي في المجالات المختلفة ، وأجرينا إسقاطات منهجية على التراث اللغوي العربي بعد تقويمه وتمحيصه من أجل بعثه بعثا جديدا وإعادة صياغته صياغة تدفعه لمواكبة التطور الحضاري للمجتمع البشري ، مع ضرورة الأخذ بالمناخ الفكري الذي ساد نشاة وترعرع الفكر اللغوي العربي ، " لأن فهم المنهج العربي في أي علم من العلوم العربية التراثية ينبغي أن يلتمس من داخل الحياة العقلية العربية ومن خلال المناخ العقلي العام الذي نشأ وتطور وتأصل في ظل القرآن ، فمن المعلوم أن المفكرين المسلمين بدأوا بما هو عملي قبل أن يصلوا إلى وضع المنهج نظري " لكل فرع من فروع البحث ، وكانت مثلا - قراءة القرآن عن طريق التلقي والعرض أسبق من وضع كتب تحدد منهج القراءات . . .
فإذا تحققت هذه العملية في إطارها العلمي المنهجي ستؤدي حتما إلى تفكير لساني حديث تتمخض عنه نظرية لسانية عربية قادرة على تقديم التفسير الكافي لكل مستويات الدراسة اللغوية الصوتية والتركيبية والدلالية بهذه الطريقة تربط الفكر اللغوي العربي القديم بالفكر اللساني العالمي الحديث ، لأن التحول العلمي للنظرية اللسانية في العصر الحديث أضحى يتوخى الشمولية في التعامل العلمي مع الظاهرة اللغوية ، بوصفها طبيعية إنسانية . قد تغطي اهتمامات الإنسان المعاصر ، إذ لم تعد تعترف بالحدود المعرفية مع انتقال العالم اللساني إلى بحث اللسان البشري بحثا موضوعيا متخذا اللغة الإنسانية مادة للتطبيق باعتبارها تخضع لنواميس متجانسة تسمح بوضع منهج لساني عام يشمل كل اللغات ، وبمثل هذا التعامل الواعي نحمي تراثنا اللغوي بأن تنفخ فيه من روح العصرنة والحداثة فينبعث اليساير التطور الإنساني في كل مجالات الفكر العلمي ، ونعيد الصلة التي انبتت بين تطلعاتنا الفكرية اللغوية المعاصرة ، والجهود النظرية المنهجية التي أغني بها أسلافنا تراثنا المعرفي .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق