القائمة الرئيسية

الصفحات

جدل الحداثة وما بعد الحداثة في نص "سيمرغ " لمحمد ديب pdf




جدل الحداثة وما بعد الحداثة في نص "سيمرغ " لمحمد ديب pdf

جدل الحداثة وما بعد الحداثة في نص "سيمرغ " لمحمد ديب pdf
استقطب مفهوم الحداثة La modernité اهتمام الأدباء والفلاسفة وعلماء الاجتماع، منذ عصر النهضة حتى اليوم، واحتل مكانه المميز في الأنساق الفكرية الكلاسيكية عند كارل ماركس K.Marx، وإميل دوركهايم E.Durkheim، وماكس فيبر M.Weber، واستطاع لاحقا أن يأخذ مركز الأهمية في أعمال المحدثين، ولا سيما هابرماس J.Habermas، وجيدن A.Gidden، وليوتار J.F.Lyotard، وتورين A.Touraine.
يطلق مصطلح الحداثة بوجه عام على مسيرة المجتمعات الغربية منذ عصر النهضة إلى اليوم ويغطي مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية[1]. لقد أدخل التقدم المستمر للعلوم والتقنيات، وثورة التكنولوجيا، إلى الحياة الاجتماعية عامل التغيير المستمر والصيرورة الدائمة التي أدت إلى انهيار المعايير والقيم الثقافية التقليدية. وفي ظل هذه الصيرورة الاجتماعية بمختلف اتجاهاتها تحدد السياق العام لمفهوم الحداثة بوصفه ممارسة اجتماعية ونمطا من الحياة يقوم على أساسي التغيير والابتكار. وغني عن البيان أن أكثر اللحظات في التاريخ أهمية وإبداعا اللحظات التغييرية الحداثية، وهي اللحظات التي يتم فيها الكشف عن منطق خاطئ مضلل وإبداع منطق جديد. حيث نجد في الفلسفة نقدية كانط التحليلية، ومثالية هيغل الكلية، ومادية ماركس الجدلية، وظواهرية هوسرل التأويلية، وبنيوية فوكو التفكيكية[2]. وهي من أهم اللحظات التاريخية في الحداثة الفلسفية.
تعريف الحداثة:
يأخذ مفهوم الحداثة La modernité مكانه اليوم في حقل المفاهيم الغامضة. وإذا كان هذا المفهوم يعاني من غموض كبير في بنية الفكر الغربي الذي أنجبه، فإن هذا الغموض يشتد في دائرة ثقافتنا العربية ويأخذ مداه ليطرح نفسه إشكالية فكرية هامة تتطلب بذل مزيد من الجهود العلمية لتحديد مضامينه وتركيباته وحدوده.
وبعيدا عن التوظيفات الساذجة والشائعة لمفهوم الحداثة، التي تختزله إلى صيرورته الزمنية الراهنة، حيث يجري الحديث عن الزمن الحاضر، أو المرحلة الراهنة، أو العصر الحديث، أو المجتمع المعاصر، يمكن القول بأن الحداثة هي غير بعدها الزمني، إنها مفهوم فلسفي مركب قوامه سعي لا ينقطع للكشف عن ماهية الوجود، وبحث لا يتوقف أبدا عن إجابات تغطي مسألة القلق الوجودي وإشكاليات العصر التي تثقل على الوجود الإنساني[3].





يرى كل من كارل ماركس K.Marx وإميل دوركهايم E.Durkeim، وماكس فيبر M.Weber، أن الحداثة تجسد صورة نسق اجتماعي متكامل، وملامح نسق صناعي منظم وآمن، وكلاهما يقوم على أساس العقلانية في مختلف المستويات والاتجاهات[4].
وتتمثل الحداثة كما يحددها جيدن في نسق من الانقطاعات التاريخية عن المراحل السابقة حيث تهيمن التقاليد والعقائد ذات الطابع الشمولي الكنسي. فالحداثة تتميز بأنماط وجود وحياة وعقائد مختلفة كليا عن هذه التي كانت سائدة في المراحل التقليدية حيث عرفت التغيرات التي شهدتها الحداثة بطابع التسارع والتنوع والشمول ولا سيما في مجال التكنولوجيا والمعرفة العلمية التكنولوجية، كما عرفت هذه المرحلة أيضا بتنامي الاتصالات الفعالة بين جوانب الحياة الإنسانية حيث شملت الأقاليم والمناطق المتباعدة في جغرافية الكون. وهذه هي المرحلة التي حدثت فيها تحولات جوهرية في عمق المؤسسات على مدى تنوعها. وقد سمحت هذه التحولات والتغيرات الجوهرية في شروط الوجود للناس من السيطرة على مقدرات وجودهم وشروط حياتهم[5].
ويرتكز المفكرون عادة في تعريف الحداثة إلى فكرتين أساسيتين هما: فكرة الثورة ضد التقليد، وفكرة مركزية العقل[6].

يعرف جابر عصفور الحداثة "بأنها البحث المستمر للتعرف على أسرار الكون من خلال التعمق في اكتشاف الطبيعة والسيطرة عليها وتطوير المعرفة بها، ومن ثم الارتقاء الدائم بموضع الإنسان من الأرض. أما سياسيا واجتماعيا فالحداثة تعني الصياغة المتجددة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى الحرية، من الاستغلال إلى العدالة، ومن التبعية إلى الاستقلال ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة، ومن الدولة التسلطية إلى الدولة الديموقراطية[7]. "تعني الحداثة الإبداع الذي هو نقيض الاتباع، والعقل الذي هو نقيض النقل"[8].

تحميل الرسالة 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات