الشافية في علم التصريف pdf
تحميل كتاب الشافية في علم التصريف pdfولقد سار المازني على نهج سيبويه عندما وضع كتاباً في التصريف ، فإذا كان سيبويه قد مُهدّ للتصريف بذكر ابنية الأفعال والأسماء الصحيحة والمعتلة فقد صدر المازني كتابه بذلك ، مُهاً على أن هذه الأبنية ليست من علم التصريف ، فقال : وإنما كتبتُ لك في صدر هذا الكتاب هذه الأمثلةً إنتعلم كيف مذاهب العرب فيما بنت من الأسماء والأفعال ، فإذا سُئلت عن مسألة فانظر : هل بنت العرب مثالها ؟ فإن كانت بُنت فابن مثل ما بنت ، وإن كان الذي سُئلت عنه ليس من أبنية العرب فلا تبيه ، لأنك إنما تُرِيدُ أمثلتهم وعليها تقيس » .
ولما كان سيبويه قد أتبع حديثه عن الأبنية بذكر أحوال حروف العلّة والهمزة افكذلك صنع المازني ، لحاجة المصري إليها ، وقال : « واعلم أنّ الهمزة وبنات الواو والياء فيهن مسائل التعريف ، فانظر كيف صنعت العرب في الياءات والواوات والهمزات اللواتي مُنّ فاءات الفعل وعيناه ولامانه ، وما ألحق باللاماتِ من الياء ، وكيف أجروهن ، وكيف ألزموهنّ الحذف والتغيير والإبدال حتى يسهل عليك النظر إن شاء الله .
ولما تقدّم أحسب أنه لولا هذه المُضرّفة ما نشا في العربية من العلوم ما يُذعي بالتصريف ، ولكنا أمام علّمين فقط هما علم النحو وعلم الاشتقاق ، الأول يُعنى بكيفيات التراكيب ، والثاني بالأبنية المسموعة ذوات الأصول وما يعرض لها من تغييرات . : وقد وازن ابن جني بين التصريف والاشتقاق من جهة ، وبينه وبين النحو من جهة أخرى ، فذكر أن التصريف والاشتقاق تجيء بهما المادة على وجوه شتى ، وأن التصريف والنحو يُقاس فيها ما لم يُسمَع على ما سُمع . لا نجد إذاً في كتب التصريف الأولى حديثاً عن الأبنية المقيسة ، ولا عن المصغر والمنسوب وأبنية الجموع ، وذلك بيّن في تصريف المازني .
↚
تحميل كتاب الشافية في علم التصريف pdf
على أن هذا المنهج تعرض للنقد ، وعُرف عن بعض الأوائل رفضهم للتصريف ، فقد أخدّ على أبي عمرو بن العلاء أنه لم يكن يعرف التصريف ، واعتذر عنه اليزيدي بقوله : اليس التصريف من النحو في شيء ، إنما هو شيء ولدناه نحن واصطلحنا عليه وكان أبو عمرو أنبل من أن ينظر فيما ولد الناس . ولقد حكى الإمام عبد القاهر ما وُجه إلى التصريف من نقد ، فقال : « فإن بدءوا فذكروا مسائل التصريف التي يصنعها النحاة للرياضة ولفزب من تمكين المقاييس في النفوس . . . ، ويرد عبد القاهر عليهم بقوله : « أما هذا الجنس فلسنا نعيبكم إن لم تنظروا فيه ، ولم تُغنوا به ، وليس يهمّنا أمره ، فقولوا فيه ما ششم ، وضعوه حيث اردتم » . وقال ابن مضاء : ومما ينبغي أن يسقط من النحو : ابن من كذا على مثال كذا ، كقولهم : ابن من البيع على مثال فَعَل ، فيقول قائل : بُوع . . . ، ويبدو أن هذا النقد المتقدّم كان وراء تطور موضوع علم التصريف ، فقد أخذت الأبنية المقيسة في الأفعال والأسماء ، وكذلك قواعد التغيير في الأبنية ، تندرج في علم التصريف ، ومن أوائل من صنع ذلك أبو علي الفارسي في كتابه التكملة ، ومعنى هذا أننا أصبحنا ندرس في التصريف ما كان الأوائل يدعونه من علم الاشتقاق ، ومضى الزمن على ذلك . هذا وتُعَدّ مقدّمة ابن الحاجب في التصريف أجمعَ ما كُتب في هذا العلم على منهج المتأخرين ، ولذلك غنوا بها ، وشرحها ابن الحاجب ، كما شرحها غير واحد من أعلام النحاة .هذا وقد كنا نأمل أن تحظى هذه المقدمة بتحقيق يُجلّي نصها ، ويُزيل ما عَلِق بها من بعض الأوهام في شروحها المختلفة ، إلى أن وفق الله تعالى لهذه الغاية باحثاً وَقَف نفسه على علم الصّرف ، مُنقباً عن مخطوطاته ، كاشفاً عن كثير من أخبار أعلامه ، وهو الشاب الطلَعَةً حسن أحمد العثمان ، الذي نعتقد - إن شاء الله تعالى - أنه قد أوفي على الغاية في عمله ، فجزاه الله خيراً ، ونفع به ، والحمد لله رب العالمين .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق