كتاب نظرية العامل في النحو العربي pdf
تحميل كتاب نظرية العامل في النحو العربي pdf
الحمد لله رب العالمين ، وافضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين وبعد فلا تزال نظرية العامل في النحو العربي ، هي النظرية التي تعد المفتاح لفقه النحو العربي ، إذ بدونها لا يمكن الوقوف على اسرار هذا العلم أبداً ، ولعلي أصيب إن قلت : إن ضعف طلابنا في النحو يرجع إلى أسباب كثيرة أهمها اننا نحينا هذه النظرية عن ميادين الدراسة ، مع انها الأساس الذي أقيم عليه هذا العلم ، فهي الماء العذب الذي روى هذا النحو عبر العصور ، وحافظ عليه ورعاه كل هذه الدهور .
لقد انضبطت بهذه النظرية لغة العرب ولولاها عجز الخلق عن ضبطها ضبطاً محكماً لغزارة مفرداتها وكثرة تراكيبها ، وتنوع استعمالاتها ، نعم لولا هذه النظرية الراينا نحونا العربي في فوضى واضطراب بل كان مآله إلى زوال وخراب - فيما احسب - فهي التي ثبتت الأصول ، ونظمت الفروع ، وامدت النحاة بقواعدها الكلية ، فجعلتهم مالكين أصول هذه الصناعة ، واقفين على اسرارها ، ومدركين طرائقها ، ثم صاروا بمقتضاها عباقرة في التحليل النحوي ، وسلاطين في الفهم اللغوي ، قالواضع أي العربي ) - كما قالوا - حكيم ، وتقعيد ما يقوله الحكماء ، لفهم مراداتهم ليس أمراً هيناً ولا يسيراً لقد فتح الله عليهم بهذه النظرية ، العربية الشفاء الإسلامية الهدف ، لتكون ا ( معملاً لغوياً ) يضبط كل تراكيب اللغة ، حتى الشاذ منها والنادر ، لقد رأينا هذا المعمل العجيب لم يتوقف ولن يعجز عن تحليل او ضبط أي تركيب ، إلى يوم الدين وما ذاك إلا لأن مؤسسيه اخلصوا فأتقنوا صنع آلاته داخلياً ، وقووا بنيانه خارجياً ، فصار معملا لا نظير له بين الأمم التي اعتنت بلغاتها واهتمت بقواعدها .
↚
وإني إذ أقدم هذه الرسالة التي تجمع كل ما يتصل بنظرية العامل ، لأرجو أن أكون قد وفقت في تعريف العامل ، وفي وضع قواعده الكلية ، موضحةً بعدد من الأمثلة المبنية على هذه القواعد ، معتقداً أن مثل هذه المحاولة ستفتح الطريق لغيري في تقديم قواعد اخرى ، وربما جُمعت فيما بعد من قبل احفادنا لمنع موسوعة شاملة الكل قواعد العامل ، وبذلك تبدو خريطة النحو الإجرائي في غاية الوضوح ، وبذلك ايضاً يمكن أن تصل إلى فقه النحو العربي كما فقهه قدماؤنا ، فتبدو لطلابنا بوارق تلك الخيوط الدقيقة التي لا تُرى إلا بإمعان النظر وإعمال الفكر واتقاد العقل ، وسوف برونها مرتبطة فيما بينها اشد ارتباط ، ويتصل بعضها ببعض اقوى اتصال ، وما ذاك إلا لأنها تنبثق عن قاعدة كلية من قواعد العامل وهذا ما ننشده لطلاب العربية .
عُرف عن العرب الدقة ، الدقة في الوصف ، والدقة في التعبير ، والدقة في حياتهم العامة والخاصة ، نزعم ذلك لأن المفردات اللغوية التي وردت عنهم تفيد ذلك ، فوصف لبيد للناقة يُنهيش كل منصف ، ووصف المعلر عند امرئ القيس ينجب له كل باحث ، هذه الدقة تبدت ايضاً في اتساع مفردات اللغة اتساعاً لا نظير له في لغة من اللغات ، ومرد ذلك ـ فيما احسب ـ ذلك الحرص الشديد الذي تمتع به العربي ، على أن يعبر عن كل شيء بدقة ، وامتدت هذه الحملة الدالة على قوة عقلية والمعية ذهنية ، إلى التراكيب اللغوية ، فقد لحظ العربي بسليقته الراقية ، وملكته الباهرة ، أن هناك ثنائية تتم في كل تركيب بين المعاني والمباني ، فهو حين ينطلق فضرب زيد عمراً ، او زيد قائم ، أو كان زيد قائماً ، كان يستشعر أن آخر كل كلمة يلتزم بحركة معينة ، أو لنقل بنغمة موسيقية ألفها ، وقد تتبدل هذه النغمات وفق أوضاع التركيب فما يكون فاعلاً قد يصير مفعولاً ، وقد يصير مجروراً ، وما يكون دالاً على مضي قد يفيد الحال او الاستقبال . . . : وهذاً العربي ادرك أن هناك علاقة بين المعاني وتلك الحركات ، وذلك من كثرة إلفه للغته نطقاً وسمعاً وتفكيراً فالفاعلية مثلاً لها نغمة الضمة ، والمفعولية لها نغمة الفتحة ، والمجرورات لها نغمة الكسرة .
تحميل pdf
تعليقات
إرسال تعليق